(وَحَمْلُ شَيْءٍ) : طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِبَلَدٍ) بَعِيدٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ (بِنِصْفِهِ) مَثَلًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ فَإِنْ وَقَعَ فَأَجْرُ مِثْلِهِ وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. (إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ) : أَيْ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ (الْآنَ) : أَيْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ أَيْ وَقَعَ بِشَرْطِ تَعْجِيلِهِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ فَيَجُوزُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ التَّعْجِيلَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْجِيلُ فَسَدَتْ وَلَوْ عُجِّلَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ: " أَوْ عُيِّنَ " وَأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَيَجْرِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ، فَيَكُونُ مَعْنَى: إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ أَيْ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.
(وك: إنْ خِطْته) مَثَلًا أَيْ خَرَزْته أَوْ نَجَرْته أَوْ كَتَبْته (الْيَوْمَ) مَثَلًا أَوْ فِي هَذِهِ الْجُمُعَةِ أَوْ هَذَا الشَّهْرِ (فَلَكَ كَذَا) : أَيْ مِنْ الْأَجْرِ كَعَشَرَةٍ وَإِلَّا تَخِطْهُ الْيَوْمَ، بَلْ أَزْيَدُ (فَكَذَا) مِنْ الْأَجْرِ أَيْ أَقَلَّ كَثَمَانِيَةٍ؛ فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ. فَإِنْ وَقَعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقَوْلُهُ: [لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ] : أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَمْنَعُ تَأْخِيرَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ لَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
قَوْلُهُ: [وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ] : هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: نِصْفُهُ لِلْجَمَّالِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حُمِلَ مِنْهُ وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي دَبْغِ الْجُلُودِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ (اهـ بْن مُلَخَّصًا) .
قَوْلُهُ: [أَيْ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ بِالْفِعْلِ قَالَ (بْن) حِكَايَةً عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ حَيْثُ وَقَعَ الشَّرْطُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ النَّقْدَ فَالْجَوَازُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ (اهـ) ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ حُرْمَةَ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ غَيْرَ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ فَجَائِزٌ خِلَافًا لِمَنْ يَفْهَمُ غَيْرَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا تَخِطْهُ] إلَخْ: وَيُقَالُ فِي الْخَرْزِ وَالنِّجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ مَا قِيلَ فِي الْخِيَاطَةِ.
قَوْلُهُ: [فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ] : اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا جَازَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَمْرًا فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَ إلَّا عَلَيْهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ، وَأَمَّا دَفْعُ دَرَاهِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ لِيُسْرِعَ لَهُ بِالْعَمَلِ فَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute