للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفُهُ، أَوْ: اُلْقُطْ وَمَا لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ، فَجَائِزٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَهُوَ مِنْ الْإِجَارَةِ اللَّازِمَةِ. وَيَكُونُ الدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ قَالَ: اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ، أَوْ. اُدْرُسْهُ فَقَطْ، فَفَاسِدٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ. ثُمَّ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَسَدَتْ، قَالَ فِيهَا: وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْ الْيَوْمَ أَوْ اُلْقُطْ الْيَوْمَ وَمَا اجْتَمَعَ فَلَكَ نِصْفُهُ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا يُحْصَدُ الْيَوْمَ، وَمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بِهِ مَعَ ضَرْبِ الْأَجَلِ فِي الْجَعْلِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْجَعْلِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَتْرُكَ مَتَى شَاءَ فَيَجُوزُ.

ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلَهُ: (كَإِجَارَةٍ) ، أَيْ كَمَا يَجُوزُ إجَارَةُ (دَابَّة لِكَذَا) : أَيْ لِمَكَانٍ مَعْلُومٍ كَمَكَّةَ (عَلَى) أَنَّهُ إنْ (اسْتَغْنَى فِيهَا) : أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِظَفَرِهِ بِحَاجَتِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ (حَاسَبَ) رَبُّهَا: أَيْ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً. وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْأُجْرَةَ، فَإِنْ نَقَدَهَا لَمْ يَجُزْ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. وَهَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فَكَانَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ هُنَا.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [إلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ] : أَيْ وَالْجَعَالَةُ يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ لِكَوْنِهَا مُنْحَلَّةً مِنْ طَرَفِ الْعَامِلِ.

قَوْلُهُ: [وَيَكُونُ الدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا] : أَيْ لِأَنَّهُمَا صَارَا شُرَكَاءَ مِنْ حِينِ الْحَصَادِ وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ.

قَوْلُهُ: [لِشِدَّةِ الْغَرَرِ] : أَيْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَصِفَتِهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا بَعْدَ التَّصْفِيَةِ.

قَوْلُهُ: [ثُمَّ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ] إلَخْ: هَذَا الْبَحْثُ يُغْنِي عَنْهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ جَمَعَهَا وَتَسَاوَيَا، وَمَحِلُّهُ هُنَاكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّكَّةِ.

قَوْلُهُ: [وَهَذَا الْقَيْدُ] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: تَأَمَّلْ مَا وَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ بِهَذَا أَيْضًا. وَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ هُنَا يَسِيرٌ يُغْتَفَرُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى إلَى مَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى قَبْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>