(وَ) كُرِهَ أُجْرَةٌ عَلَى (دُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ: طَبْلٌ مُغَشًّى مِنْ جِهَةٍ كَالْغِرْبَالِ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ بِالطَّارِ (وَمِعْزَفٍ) وَاحِدُ الْمَعَازِفِ: وَهُوَ آلَةُ اللَّهْوِ فَيَشْمَلُ الْمِزْمَارَ (لِعُرْسٍ) : أَيْ نِكَاحٍ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا فِيهِ جَوَازُ الْأُجْرَةِ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ وَالْمِزْمَارَ جَائِزَةٌ فِي الْعُرْسِ وَتُكْرَهُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ مَا عَدَاهَا حَرَامٌ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ فَتَحْرُمُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا.
(وَ) كُرِهَ (إيجَارُ مُسْلِمٍ) عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ (لِكَافِرٍ فِيمَا يَحِلُّ) كَخِيَاطَةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَوَائِدُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ، يَشْمَلُ الْوَالِدَ بِتَعْلِيمِهِ وَلَدَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَقَدْ أَجَابَ سَحْنُونَ أَبَا وَلَدٍ كَانَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ عِنْدَهُ إذَا تَوَلَّيْت الْعَمَلَ بِنَفْسِك وَلَمْ تَشْغَلْ وَلَدَك عَمَّا هُوَ فِيهِ فَأَجْرُك فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ الْحَجِّ وَالرِّبَاطِ وَالْجِهَادِ.
الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّ عَلَى الْمُعَلِّمِ زَجْرَ الْوَلَدِ فِي تَكَاسُلِهِ بِالْوَعِيدِ وَالتَّقْرِيعِ لَا بِالشَّتْمِ نَحْوَ يَا قِرْدُ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فَالضَّرْبُ بِالسَّوْطِ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ضَرْبَ إيلَامٍ دُونَ تَأْثِيرٍ فِي الْعُضْوِ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ زَادَ إلَى الْعَشَرَةِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا.
الثَّالِثَةُ: الْقَابِسِيُّ أَمَّا تَعْلِيمُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مَبْلَغَ الْأَدَبِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يَعْبَثُ فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ.
الرَّابِعَةُ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَ الْمُؤَدِّبُونَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؟ قَالَ كَانَ لِلْمُؤَدِّبِ إنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ طَاهِرٌ يَمْحُو بِهِ الصِّبْيَانُ أَلْوَاحَهُمْ ثُمَّ يَصُبُّونَ ذَلِكَ الْمَاءَ فِي حُفْرَةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَتَنْشَفُ (اهـ) ، قَالَ الْقَابِسِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَكَانَ مُعَلِّمُنَا يَأْمُرُنَا بِصَبِّهِ فِي حُفْرَةٍ بَيْنَ الْقُبُورِ (اهـ) مُلَخَّصًا مِنْ (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَالرَّاجِحُ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ فِي النِّكَاحِ فِيهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ، وَفِي الْمَعَازِفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِزِيَادَةِ الْحُرْمَةِ وَهُوَ أَرْجَحُهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَالْحُرْمَةُ فِي الْجَمِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ فِي عَقِيقَةٍ أَوْ خِتَانٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ قُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ.
قَوْلُهُ: [كُرِهَ إيجَارُ مُسْلِمٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ لِكَافِرٍ حَيْثُ كَانَ يَسْتَبِدُّ بِعَمَلِهِ وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يَكْتَرِهِ فِي فِعْلٍ مُحَرَّمٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute