(وَلِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ -
ــ
[حاشية الصاوي]
وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ. وَيُعْتَبَرُ طَهَارَةُ الْمُتَوَسِّطِ بِحَسَبِ غَالِبِ النَّاسِ وَاسْتِقْبَالٌ، وَيُزَادُ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ لِجَوَازِ التَّطْوِيلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِيمِ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمُدَّ وَيَسِيرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ الْمِيلَ وَنَحْوَهُ ثُمَّ نَزَلَ وَيُصَلِّي كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلِلْعِشَاءِ] : اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَسْمِيَتِهَا بِالْعَتَمَةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي وَنَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَ مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ مُخْتَارَ الْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ الْبَيَاضِ، وَهُوَ يَتَأَخَّرُ عَنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ - لَا أَعْرِفُهُ - وَأَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي يَطْلُعُ فَجْرُهَا قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ أَسْقَطَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْهُمْ الْعِشَاءَ كَمَنْ سَقَطَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ غُسْلُهُ. وَقَدَّرَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ لَهُمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَرَافِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا، فَتَكُونُ الْعِشَاءُ أَدَاءً عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ التَّقْدِيرَ مَعْنَاهُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِغَيْبُوبَةِ شَفَقِ أَقْرَبِ مَكَان لَهُمْ، فَإِذَا غَابَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْعِشَاءُ بَعْدَ فَجْرِهِمْ، فَهُوَ أَدَاءٌ لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا فِي قُدْرَتِهِمْ إذْ لَا عِشَاءَ إلَّا بِغَيْبُوبَةِ شَفَقٍ، وَهَذَا أَسْبَقُ شَفَقٍ غَابَ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وُجُوبَهَا مُضَيَّقٌ كَقَضَاءِ الْفَائِتَةِ نَظَرًا لِطُلُوعِ فَجْرِهِمْ، وَهَذَا - أَعْنِي تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِشَفَقِ غَيْرِهِمْ - أَنْسَبُ بِمَا قَالُوهُ عِنْدَنَا مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي قُطْرٍ بِرُؤْيَتِهِ فِي قُطْرٍ آخَرَ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمْ مُدَّةَ شَفَقٍ مِنْ لَيْلِهِمْ بِنِسْبَةِ مُدَّةِ شَفَقِ غَيْرِهِمْ لِلَيْلِهِ، فَإِذَا كَانَ الشَّفَقُ يَغِيبُ فِي أَقْرَبِ مَكَان لَهُمْ فِي سَاعَةٍ وَمُدَّةُ اللَّيْلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ الْغُرُوبِ لِلْفَجْرِ ثَمَانِ سَاعَاتٍ، فَغَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ فِي الثُّمُنِ. فَإِذَا كَانَ لَيْلُ هَؤُلَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute