للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكْفِي، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَضْمَنُ. وَمِنْ الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ فِي دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إنَّهَا جَيِّدَةٌ - مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا رَدِيئَةٌ - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. وَقِيلَ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَاسْتَظْهَرَ. فَإِنْ غَرَّ بِفِعْلٍ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ بِمَكَانٍ زَلِقٍ ضَمِنَ.

(كَحَارِسٍ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ: أَيْ أَنَّ حَارِسَ الدَّارِ أَوْ الْبُسْتَانِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ حَارِسَ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.

(وَلَوْ حَمَّامِيًّا) إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ. وَمِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَوْ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا يَلْبَسُ الثِّيَابَ فَظَنَنْت أَنَّهُ صَاحِبُهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ. وَلَا عِبْرَةَ بِمَا كُتِبَ أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يُفَرِّطُوا. وَكَذَا الْبَوَّابُونَ فِي الْخَانَاتِ وَغَيْرِهَا.

(وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِلصَّانِعِ، كَانَ يَعْمَلُ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَكْفِي] : أَيْ وَلَا يُعْلَمُ هَذَا الْأَمْرُ إلَّا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: [وَاسْتَظْهَرَ] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ أَقُولُ وَمِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

الْقَوْلُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ أَخَذَ أَجْرًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْأُجْهُورِيِّ فِي الْخُفَرَاءِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الصَّوَابُ الضَّمَانُ إذَا انْضَمَّ لِغُرُورِهِ عَقْدٌ كَمَا إذَا عَقَدَ مَعَهُ بِجَدِيدٍ مَثَلًا وَقَلَّبَهُ وَوَزَنَهُ وَقَالَ لَهُ طَيِّبْ وَأَزِنْ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ إذَا انْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ صَارَ مِنْ الْفِعْلِيِّ فَالضَّمَانُ (اهـ) .

قَوْلُهُ: [وَلَوْ حَمَّامِيًّا] : أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ رَبُّ الثِّيَابِ ثِيَابَهُ رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَا لَمْ يَجْعَلْ حَارِسًا لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ كَمَا إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْحَرَامِ وَجَعَلَ حَارِسًا لِتَتَّقِي سَرِقَتَهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ.

قَوْلُهُ: [وَمِنْ التَّفْرِيطِ] إلَخْ: وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَامَ فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ عَدَمِ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ وَالْحُرَّاسِ وَالرُّعَاةِ، وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأُجْهُورِيِّ تَضْمِينَهُمْ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ تَفْرِيطٌ مِنْهُمْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

وَارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.

قَوْلُهُ: [وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ] : أَيْ وَأَمَّا الصَّانِعُ نَفْسُهُ فَسَيَأْتِي ضَمَانُهُ بِالشُّرُوطِ.

قَوْلُهُ: [كَانَ يَعْمَلُ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا] : أَيْ عَلَى مَا قَالَ التَّتَّائِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>