للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا الْخِتَانُ وَقَلْعُ الضِّرْسِ وَالطِّبُّ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالتَّفْرِيطِ.

وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ) لِلصَّنْعَةِ لِلنَّاسِ، احْتِرَازًا عَنْ الْأَجِيرِ لِشَخْصٍ خَاصٍّ أَوْ جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(وَغَابَ) الصَّانِعُ (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ، احْتِرَازًا مِمَّا إذَا صَنَعَهُ بِحُضُورِ رَبِّهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِ رَبِّهِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَيْضًا:

وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، احْتِرَازًا مِنْ عَبْدٍ يَدْفَعُهُ سَيِّدُهُ لِمُعَلِّمٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ فَادَّعَى هُرُوبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَأَنْ لَا تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ.

وَإِذَا ضَمِنَ: (فَالْقِيمَةُ) يَضْمَنُهَا (يَوْمَ دَفْعِهِ) لِلصَّانِعِ لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ (إلَّا أَنْ يُرَى) الْمَصْنُوعَ عِنْدَ الصَّانِعِ (بَعْدَهُ) : أَيْ بَعْدَ يَوْمِ الدَّفْعِ، فَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ (فَبِآخِرِ رُؤْيَةٍ) . وَإِذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الدَّفْعِ فَلَا أُجْرَةَ لِلصَّانِعِ. وَكَذَا إذَا اُعْتُبِرَتْ بِآخِرِ رُؤْيَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مَصْنُوعًا. فَإِنْ كَانَ مَصْنُوعًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَصْنُوعًا وَعَلَى رَبِّهِ الْأُجْرَةُ.

(وَلَوْ شَرَطَ) الصَّانِعُ (نَفْيَهُ) : أَيْ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا يُفِيدُهُ شَرْطُهُ.

(وَهُوَ) شَرْطٌ (مُفْسِدٌ) لِلْعَقْدِ، وَلِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، (فَفِيهِ) - إنْ وَقَعَ وَعَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَمَلِ - (أَجْرُ الْمِثْلِ) قَلَّ أَوْ كَثُرَ دُونَ مَا سَمَّى.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [إلَّا بِالتَّفْرِيطِ] : هَذَا إذَا كَانَ الْخَاتِنُ وَالطَّبِيبُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يُخْطِئْ: فِي فِعْلِهِ، فَإِنْ أَخْطَأَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عُوقِبَ وَفِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي لِمَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ فِعْلَهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تُحْمَلُ عَمْدًا.

قَوْلُهُ: [فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ] : مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِالْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَأَتَى بِهَا تَالِفَةً، أَمَّا لَوْ ادَّعَى ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَالضَّمَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>