وَبِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ طُولًا وَقِصَرًا وَسُهُولَةً وَصُعُوبَةً.
(لَا) تَنْفَسِخُ بِتَعَذُّرِ مَا يُسْتَوْفَى (بِهِ) : كَالسَّاكِنِ وَالرَّاكِبِ وَمَا حُمِلَ. وَظَاهِرُهُ تَعَذَّرَ بِسَمَاوِيٍّ؛ كَمَوْتٍ لِرَاكِبٍ أَوْ سَاكِنٍ أَوْ بِغَيْرِهِ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْحَامِلِ؛ بِأَنْ فَرَّطَ فَتَلِفَ مَا حَمَلَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ فَرَّطَ ضَمِنَ. وَإِذَا لَمْ تَنْفَسِخْ قِيلَ لِلسَّاكِنِ وَالرَّاكِبِ وَرَبِّ الْأَحْمَالِ أَوْ لِوَارِثِهِ: عَلَيْك جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَائْتِ بِمِثْلِ الْأَوَّلِ لِتَمَامِ الْمَسَافَةِ أَوْ الْمُدَّةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَاَلَّذِي لَهُ فِي الْبَيَانِ: أَنَّ الْمَشْهُورَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّلَفِ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ، وَيَأْتِيه الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، وَبَيْنَ تَلَفِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَامِلِ فَتُنْتَقَضُ وَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَقِيلَ: لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَارَ. وَظَاهِرُهُ فَرَّطَ أَمْ لَا، فَانْظُرْهُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ مَشَى عَلَيْهِ لَقَالَ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَمَا لَمْ يَحْصُلْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَقَوْلُهُ: [وَبِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ] : خَاصٌّ بِتَعَذُّرِ السَّفِينَةِ وَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ، أَيْ فَيَرْجِعَانِ فِيهِمَا إلَى الْمُحَاسَبَةِ أَيْضًا وَيَنْظُرَانِ لِقِيمَةِ الْمَسَافَةِ الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَمَا حُمِلَ] : أَيْ الْمَحْمُولُ غَيْرُ الرَّاكِبِ.
قَوْلُهُ: [وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ فَرَّطَ ضَمِنَ] : أَيْ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لِوَارِثِهِ] : أَيْ إذَا مَاتَ الرَّاكِبُ أَوْ رَبُّ الْأَحْمَالِ.
قَوْلُهُ: [فَانْظُرْهُ] : قَالَ (بْن) نَقْلًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إنَّ فِي هَلَاكِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُنْتَقَضُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَالثَّانِي تُنْتَقَضُ بِتَلَفِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ لَهُ مِنْ كِرَائِهِ بِقَدْرِ مَا سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ؛ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ تَلَفِهِ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ فَتُنْتَقَضُ وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَارَ وَبَيْنَ تَلَفِهِ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا تُنْتَقَضُ وَيَأْتِيه الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ. وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ تَلَفُهُ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ انْفَسَخَتْ وَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ السَّمَاءِ أَتَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute