للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ غَيْرُهُ) : أَيْ غَيْرُ الْأَوَّلِ. فَإِذَا عَطِبَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ رَبُّ سَفِينَةٍ أُخْرَى فَحَمَلَ مَا فِيهَا إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ بِأُجْرَةٍ كَثِيرَةٍ أَوْ قَلِيلَةٍ (فَلِلْأَوَّلِ) الَّذِي غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ (بِحَسَبِ كِرَائِهِ) لَا بِحَسَبِ الْكِرَاءِ الثَّانِي. فَإِنْ غَرِقَ بَعْضُ مَا فِيهَا وَنَجَا الْبَعْضُ فَحَمَلَهُ غَيْرُهُ إلَى الْمَحَلِّ فَلَا كِرَاءَ لِمَا غَرِقَ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ مَا بَقِيَ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ عَلَى حَسَبِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي. وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَى الْجَعَالَةِ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَمَا يَأْتِي.

فَإِنْ عَقَدَا عَلَيْهَا؛ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ حَمَلْت مَتَاعِي هَذَا أَوْ: كُلُّ مَنْ حَمَلَهُ إلَى الْقَاهِرَةِ فَلَهُ كَذَا، فَحَمَلَهُ إنْسَانٌ فِي سَفِينَتِهِ فَغَرِقَتْ فَحَمَلَهُ غَيْرُهُ بِكِرَاءٍ أَوْ جُعْلٍ فَلَهُ بِحِسَابِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ. وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَا جَازَ جَعَالَةً جَازَ إجَارَةً وَلَا عَكْسَ.

(كَمُشَارَطَةِ طَبِيبٍ عَلَى الْبُرْءِ) فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِحُصُولِهِ، فَإِنْ تُرِكَ قَبْلَ الْبُرْءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ يُتَمِّمَ غَيْرَهُ فَلَهُ بِحِسَابِ كِرَائِهِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْأُجْرَةَ عَلَى الْبُرْءِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ.

(وَ) مُشَارَطَةِ (مُعَلِّمٍ عَلَى حِفْظِ قُرْآنٍ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إلَّا بِالْحِفْظِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَإِذَا عَطِبَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ] : الْمُرَادُ مَنَعَهَا مِنْ السَّفَرِ مَانِعٌ قَهْرِيٌّ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ مَا فِي السَّفِينَةِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَكْرَى رَبُّهُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْأَجْرِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الرَّاكِبُ فِي السَّفِينَةِ قَبْلَ الْبَلَاغِ بِاخْتِيَارِهِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: [بِحَسَبِ كِرَائِهِ] إلَخْ: أَيْ كَمَا إذَا كَانَ كِرَاءُ، الْأَوَّلِ عَشَرَةً وَغَرِقَتْ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَاسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا بِعِشْرِينَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ إلَّا خَمْسَةٌ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنِسْبَةِ الثَّانِي لَكَانَ لَهُ عِشْرُونَ.

قَوْلُهُ: [فَلَهُ بِحِسَابِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ غَيْرُهُ فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَا جَازَ جَعَالَةً] إلَخْ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِ. الْجُعْلُ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَا عَكْسَ.

قَوْلُهُ: [فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بُرْءٌ بِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: [فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إلَّا بِالْحِفْظِ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحِفْظِ، بَلْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>