للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِتَحْصِيلِ أَمْرٍ) مِنْ أُمُورٍ؛ كَإِتْيَانٍ بِشَيْءٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْبَيْعُ، (يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ) لِلْمُلْتَزِمِ الْعِوَضَ وَلَوْ لَمْ يُخَاطِبْهُ (بِالتَّمَامِ) لِلْعَمَلِ الْمَطْلُوبِ وَتَمَامُهُ: بِتَحْصِيلِ ثَمَرَتِهِ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْإِجَارَةُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتِمَّ الْعَمَلَ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ غَيْرُهُ) : أَيْ بِأَجْرٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي) : أَيْ فَإِنْ أَتَمَّهُ غَيْرُهُ فَلِلْأَوَّلِ مِنْ الْأَجْرِ بِنِسْبَةِ أَجْرِ عَمَلِ الْعَامِلِ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَفَعَ بِمَا عَمِلَهُ لَهُ الْأَوَّلُ، مِثَالُهُ: أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ خَشَبَةً لِمَكَانٍ مَعْلُومٍ، فَحَمَلَهَا لِنِصْفِ الطَّرِيقِ وَتَرَكَهَا. فَجَعَلَ لِآخَرَ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يُوصِلَهَا لِذَلِكَ الْمَكَانِ فَأَوْصَلَهَا؛ فَلِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ مِثْلُ الثَّانِي لِأَنَّ الثَّانِيَ لِمَا اُسْتُؤْجِرَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ بِعَشَرَةٍ عُلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّرِيقِ كُلَّهَا عِشْرُونَ، وَكَانَ النَّظَرُ أَنْ يُنْظَرَ لِكِرَاءِ الْمِثْلِ لِأَنَّ رَبَّ الْخَشَبَةِ قَدْ يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّيَاعَ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا فَيَجْعَلُ لِمَنْ يَأْتِي بِهَا الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةَ فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: " بِنِسْبَةِ الثَّانِي " أَيْ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الصاوي]

عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ عَدَمِ عِلْمِ مَكَانِهِ كَمَا يَأْتِي، وَتَارَةً يَكُونُ مَعْلُومًا كَالْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ خِبْرَةُ الْأَرْضِ وَمَائِهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ [وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْبَيْعُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ لِتَحْصِيلِ أَمْرٍ، لِأَنَّ التَّحْصِيلَ فِعْلٌ مِنْ الْأَفْعَالِ لَا ذَاتٌ وَالْبَيْعُ فِي الذَّوَاتِ.

قَوْلُهُ: [يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ] : أَيْ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ وَلَوْ حُدِّدَتْ الْوَسَائِطُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْجَاعِلَ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: يَسْتَحِقُّهُ فِي قُوَّةِ الْحَصْرِ، أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بِالتَّمَامِ.

قَوْلُهُ: [وَهُوَ كَذَلِكَ] : أَيْ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ أَجْرَ عَمَلِهِ جَرْيًا عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَكِنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِعَدَمِ لُزُومِ أُجْرَةِ عَمَلٍ لَمْ يَتِمَّ فِي الْجَعَالَةِ، وَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا.

قَوْلُهُ: [فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي] : هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ.

قَوْلُهُ: [أَنْ يُنْظَرَ لِكِرَاءِ الْمِثْلِ] : أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَوْلُهُ: [وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْخَشَبَةَ تُسَاوِي أَلْفًا، أَيْ وَشَأْنُ الشَّيْءِ الْغَالِي إذَا كَانَ فِي مَضْيَعَةٍ يُكْرَى عَلَيْهِ بِالْأَثْمَانِ الْغَالِيَةِ فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>