أَتَى بِهِ مِنْ الْقَائِلِ وَلَا بِالْوَاسِطَةِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَوْلٌ أَصْلًا. فَفِي الصُّورَتَيْنِ. (جُعْلَ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَهُ) : أَيْ كَانَ عَادَتُهُ الْإِتْيَانَ بِالْإِبَاقِ أَوْ غَيْرِهَا؛ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اعْتَادَ جَلْبَ مَا ضَلَّ إذَا أَتَى بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ رَبَّهَا فَإِنْ سَمِعَهُ فَلَهُ مَا سَمَّى. (وَلِرَبِّهِ) : أَيْ الْآبِقِ مَثَلًا (تَرْكُهُ لَهُ) : أَيْ لِلْعَامِلِ الَّذِي شَأْنُهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ رَبُّهُ لَهُ جُعْلَ الْمِثْلِ. فَإِنْ الْتَزَمَ لَهُ الْجُعْلَ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ جُعْلِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ. وَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ رَبِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهُ سَمَّى شَيْئًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَلَهُ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا بِالْوَاسِطَةِ] : عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَا بِنَفْسِهِ لَا بِالْوَاسِطَةِ.
قَوْلُهُ: [بِالْإِبَاقِ] : بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ جَمْعُ آبِقٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرِهَا] : أَيْ كَالْإِتْيَانِ بِالضَّوَالِّ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَمِعَهُ فَلَهُ مَا سَمَّى] : أَيْ كَانَ قَدْرَ جُعْلِ الْمِثْلِ أَوْ لَا كَانَ عَادَتُهُ طَلَبَ الْإِبَاقِ أَوْ لَا.
وَقَوْلُهُ: [فَإِنْ الْتَزَمَ لَهُ الْجُعْلَ لَزِمَهُ] : شَرْطٌ وَجَوَابٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ مِنْ هُنَا لِإِيهَامِهِ خِلَافَ الْمُرَادِ مَعَ كَوْنِهِ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ مَا يُفِيدُهُ. وَاخْتُلِفَ إذَا الْتَزَمَ رَبُّهُ جُعْلًا وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْآتِي بِهِ فَهَلْ كَذَلِكَ لِرَبِّهِ تَرْكُهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ؟ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَنَازَعَهُ (ر) بِأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جُعْلَ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَ طَلَبَ الْإِبَاقِ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ (بْن) .
قَوْلُهُ: [فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ] إلَخْ: جَوَابُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ] : مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ، وَمَعْنَاهُ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ الْعَامِلُ الْمُعْتَادُ لِطَلَبِ الْإِبَاقِ قَوْلَ رَبِّهِ مَنْ يَأْتِينِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا وَأَتَى بِهِ فَاخْتَارَ رَبُّهُ تَرْكَهُ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ كَلَامٌ بِحَيْثُ يَقُولُ لَا آخُذُ إلَّا جُعْلَ الْمِثْلِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ] : أَيْ أَوْقَعَهُ فِي التَّعَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute