وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ فَلَا يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِأَرْبَابِهَا. (أَوْ بِحِمَاهُ) : أَيْ وَمَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِحِمَى الْإِمَامِ لَهُ (مُحْتَاجًا) أَيْ أَرْضًا مُحْتَاجًا (إلَيْهِ) لَا إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحِمَى (قَلَّ) الْمَحْمِيُّ لَا إنْ كَثُرَ. وَالْقَلِيلُ: مَا لَا يُضَيَّقُ فِيهِ عَلَى النَّاسِ (مِنْ بَلَدٍ عَفَا) : أَيْ خَلَا عَنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ. لَا لِنَفْسِهِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِيَ شَيْئًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ، بَلْ يَحْمِي مَا قَلَّ مِنْ بَلَدٍ عَفَا. (لِكَغَزْوٍ) : أَيْ لِدَوَابِّ الْغُزَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي الْحِمَى نَائِبُهُ. وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ الْإِقْطَاعِ فَلَيْسَ لِنَائِبِ السُّلْطَانِ إقْطَاعٌ إلَّا بِإِذْنٍ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْإِقْطَاعَ يَحْصُلُ بِهِ التَّمْلِيكُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الْحِمَى - بِالْقَصْرِ لَيْسَ إلَّا - وَقِيلَ: يَجُوزُ مَدُّهُ وَهُوَ يَائِيُّ اللَّامِ مِنْ حَمَيْت. وَتَثْنِيَتُهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
أَرْضُ الْعَنْوَةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَأَرْضُ الْفَيَافِي وَالْجِبَالِ وَالْأَرْضُ الَّتِي اُنْجُلِيَ عَنْهَا فَيُقْطِعُهَا الْإِمَامُ عَلَى مَا يُرِيدُ مِلْكًا وَانْتِفَاعًا.
قَوْلُهُ: [مُطْلَقًا] : أَيْ لَا مِلْكًا وَلَا انْتِفَاعًا سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَهْلُهَا أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [أَوْ بِحِمَاهُ] : عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِقْطَاعٍ وَبِهِ التَّعْرِيفُ. قَوْلُهُ: [بِحِمَى الْإِمَامِ لَهُ] : أَصْلُ الْحِمَى عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرَّئِيسَ، مِنْهُمْ إذَا نَزَلَ بِأَرْضٍ مُخْصَبَةٍ يَسْتَعْوِي كَلْبًا بِمَحَلٍّ عَالٍ فَحَيْثُ يَنْتَهِي إلَيْهِ صَوْتُهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَمَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَرْعَى غَيْرُهُ فِيهِ مَعَهُ، وَيَرْعَى هُوَ فِي غَيْرِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا وَإِنَّمَا الشَّرْعِيُّ يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [مِنْ بَلَدٍ] : أَيْ أَرْضٍ.
قَوْلُهُ: [لَا لِنَفْسِهِ] : دُخُولٌ عَلَى قَوْلِهِ لِكَغَزْوٍ وَالْأَوْضَحُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ لِيَكُونَ مُحْتَرِزًا لَهُ.
قَوْلُهُ: [نَائِبُهُ] : أَيْ الْمُفَوَّضُ لَهُ لَا قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ أَيْ فِي الْحِمَى بِالْخُصُوصِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا بِإِذْنٍ] : أَيْ خَاصٍّ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْحِمَى] : أَيْ فَفِيهِ امْتِنَاعٌ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [بِالْقَصْرِ] : أَيْ بِمَعْنَى الْمَحْمِيِّ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute