بِكَسْرِ الرَّاءِ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ دَارًا أَوْ حَوَانِيتَ أَوْ غَيْرَهَا (وَلَوْ بِغَيْرِهِ) مِنْ جِنْسِهِ كَاسْتِبْدَالِهِ بِمِثْلِهِ غَيْرَ خَرِبٍ، فَلَا يَجُوزُ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَقْضِهِ مِنْ أَحْجَارٍ أَوْ أَخْشَابٍ؛ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَوْدُهَا فِيمَا حُبِّسَتْ فِيهِ جَازَ نَقْلُهَا فِي مِثْلِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. هَذَا فِي الْوَقْفِ الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْبَاطِلُ كَالْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ الَّتِي بَنَاهَا الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِقَرَافَةِ مِصْرَ وَنَبَشُوا مَقَابِرَ الْمُسْلِمِينَ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمْ فَهَذِهِ يَجِبُ هَدْمُهَا قَطْعًا وَنَقْضُهَا مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا مَسَاجِدُهُمْ وَمَدَارِسُهُمْ الَّتِي بِوَسَطِ الْبَلَدِ فَنَافِذَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ
مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
. وَإِذَا مُنِعَ بَيْعُ الْوَقْفِ وَأَنْقَاضُهُ - وَلَوْ خَرِبَ - فَهَلْ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهُ مِنْ غَلَّةٍ وَأُجْرَةٍ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَعْمُرُهُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنَّ الْبِنَاءَ يَكُونُ لِلْبَانِي مِلْكًا وَخُلُوًّا، وَيَجْعَلُ فِي نَظِيرِ الْأَرْضِ حَكْرًا يُدْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ؟ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمَّى خُلُوًّا، لَا مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ مِصْرَ مِنْ الْمُفَاصَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَعْضُهَا. وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ مِنْ النُّظَّارِ بَيْعُ مَوَاقِفِ الْمَسْجِدِ وَخَلَوَاتِهِ لِيُتَوَصَّلُوا بِذَلِكَ إلَى الِاسْتِيلَاءِ عَلَى نَفْسِ الْمَسَاجِدِ وَيُدْخِلُونَ فِيهَا دَوَابَّهُمْ، وَبِالْجُمْلَةِ مَتَى أَمْكَنَهُمْ شَيْءٌ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَلَوْ خَرِبَ، وَبَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ دَائِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ، وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فَعِنْدَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ.
قَوْلُهُ: [يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ تُبَاعُ
لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
أَوْ يُبْنَى بِهَا مَسَاجِدُ فِي مَحَلٍّ جَائِزٍ أَوْ قَنَاطِرُ لِنَفْعِ الْعَامَّةِ وَلَا تَكُونُ لِوَارِثِهِمْ إذْ هُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهَا شَيْئًا، وَأَنَّى لَهُمْ مِلْكُهَا وَهُمْ السَّمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ الْأَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ، فَإِذَا اسْتَوْلَى بِظُلْمِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَلَبَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَصَرَفَهَا فِيمَا يُغْضِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ، وَأَمَّا مَا رَتَّبُوهُ عَلَيْهَا مِنْ الْوَظَائِفِ فَيَجُوزُ تَنَاوُلُهُ بِوَصْفِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا رُتِّبَ فِيهِ مِنْ أَذَانٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ] : الْمُرَادُ بِهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ وَعَلَيْهِ الْأُجْهُورِيُّ وَأَتْبَاعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَخَلَوَاتِهِ] : بِفَتَحَاتٍ جَمْعُ خَلْوَةٍ وَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ لِأَنَّ الْمَرَافِقَ تَشْمَلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute