للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ حَوْزَ مَنْ ذُكِرَ صَحِيحٌ شَرْعًا إذَا عَلِمُوا بِأَنَّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَهَبَهُ رَبُّهُ لِزَيْدٍ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمُوا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدَمُ وَالْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَهُ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ، وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ (انْتَهَى) ، وَالنَّقْلُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْأَوَّلَيْنِ بِذَلِكَ وَلَا رِضَاهُمَا، وَقَيَّدَ الشَّيْخُ الْمُودَعَ بِالْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. وَلَكِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ حَوْزِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالْهِبَةِ.

(لَا) يَصِحُّ حَوْزُ (غَاصِبٍ) لِشَيْءٍ وَهَبَهُ رَبُّهُ لِغَيْرِ غَاصِبِهِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَقْبِضْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، بَلْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ قَبْضُهُ حَوْزًا إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ غَائِبًا وَأَمَرَهُ رَبُّهُ أَيْ يَحُوزُهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَخْذًا لَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. فَقَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْخَرَشِيِّ قَوْلُهُ: وَلَا أَمَرَهُ بِهِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِهِ لَجَازَ. . . إلَخْ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ الْغَائِبِ لَا الْحَاضِرِ الرَّشِيدِ؛ فَلَا يَصِحُّ حَوْزُ غَاصِبٍ لَهُ وَلَوْ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِالْحَوْزِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

ــ

[حاشية الصاوي]

اتِّفَاقًا، وَأُلْحِقَ بِهِمَا الْمُودَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ حَوْزِ مَنْ ذُكِرَ إذَا أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُفِيدُهُ (بْن) .

قَوْلُهُ: [إذَا عَلِمُوا] : بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمُصَنِّفِ.

قَوْلُهُ: [الْأَوَّلَيْنِ] : أَيْ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ.

قَوْلُهُ: [وَقَيَّدَ الشَّيْخُ الْمُودَعَ بِالْعِلْمِ] : إنَّمَا قُيِّدَ بِالْعِلْمِ لِأَنَّ حَوْزَهُ لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِهِ، بَلْ لِلْوَاهِبِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ، وَالثَّالِثُ فَالْمُخْدَمُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَمَّا كَانَ حَوْزُهُمَا لِأَنْفُسِهِمَا صَحَّ حَوْزُهُمَا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَرْضَيَا بِذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ حَوْزَ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا عَلِمَا بِالْهِبَةِ أَمْ لَا، تَقَدَّمَ الْإِخْدَامُ وَالْإِعَارَةُ عَلَى الْهِبَةِ بِقَلِيلٍ أَوْ بِكُثْرٍ رَضِيَا بِالْحَوْزِ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ، وَأُلْحِقَ بِهِمَا الْمُودَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: [لَا يَصِحُّ حَوْزُ غَاصِبٍ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. قَوْلُهُ: [لَمْ يَقْبِضْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ] : لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَعَ أَنَّ حَوْزَهُمَا صَحِيحٌ فَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ هَذَا قَابِضٌ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَاهِبِ فَقَبْضُهُ كَلَا قَبْضٍ.

قَوْلُهُ: [فَقَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْخَرَشِيِّ قَوْلُهُ وَلَا أَمَرَهُ] إلَخْ: أَيْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>