لِمَحْجُورِهِ (مَالًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) : كَالدَّرَاهِمِ وَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَنَحْوِ جَوَاهِرَ، فَلَا تَصِحُّ حِيَازَتُهُ لِمَحْجُورِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ حَوْزِهِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَرَجَعَتْ مِيرَاثًا، وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهَا مَعَ بَقَائِهَا عِنْدَهُ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي الَّذِي يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، لِأَنَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَأَنَّهُ مَعَ الْإِشْهَادِ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِخِلَافِ مَا لَا يُعْرَفُ.
(أَوْ) إلَّا إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ (دَارَ سُكْنَاهُ) : فَلَا تَصِحُّ حِيَازَتُهَا لِمَحْجُورِهِ؛ وَتَبْطُلُ إذَا اسْتَمَرَّ سَاكِنًا بِهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ. وَيَكْفِي إخْلَاؤُهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ وَمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِذَلِكَ؛ وَلَوْ بَقِيَتْ بَعْدُ تَحْتَ يَدِهِ، كَمَا فِي النَّقْلِ. بِخِلَافِ مَا لَا يُعْرَفُ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ يَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (إلَّا أَنْ يَسْكُنَ) الْوَاهِبُ (أَقَلَّهَا، وَيُكْرِي لَهُ الْأَكْثَرَ) فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي الْجَمِيعِ، وَتَكُونُ كُلُّهَا لِلْمَحْجُورِ بَعْدَ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ. مِثْلُ دَارِ السُّكْنَى غَيْرِهَا كَالثِّيَابِ يَلْبَسُهَا، وَالدَّوَابِّ تُرْكَبُ وَكَذَا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ فَإِنَّهُ يَحُوزُ لَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ رَشِيدًا فَإِذَا بَلَغَ رَشِيدًا حَازَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحُزْ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الرُّشْدِ وَحَصَلَ مَانِعٌ لِلْوَاهِبِ بَطَلَتْ، فَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ حَصَلَ مَانِعٌ وَالشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ تَحْتَ يَدِهِ فَقَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا حَمْلُهُ عَلَى السَّفَهِ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرُّشْدَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ حَوْزِهِ] : أَيْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ مِنْ إخْرَاجِهِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْمَانِعِ، سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ غَيْرَ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ أَوْ مَخْتُومًا عَلَيْهِ. خِلَافًا لِظَاهِرِ (عب) مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْخَتْمِ.
وَقَوْلُهُ: [وَيَكْفِي إخْلَاؤُهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ] : حَاصِلُهُ أَنَّ دَارَ السُّكْنَى لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إخْلَاءِ الْوَلِيِّ لَهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ وَمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِتَخْلِيَتِهَا، سَوَاءٌ أَكْرَاهَا أَوْ لَا، وَمِثْلُهَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا مِنْ مَلْبُوسِهِ. وَأَمَّا غَيْرُ دَارِ السُّكْنَى وَالْمَلْبُوسِ مِنْ كُلِّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَكْفِي الْإِشْهَادُ بِالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ الْبَيِّنَةُ الْحِيَازَةَ فَالْإِشْهَادُ يُغْنِي عَنْهَا.
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خَاصٌّ بِدَارِ السُّكْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ جَارٍ فِي هِبَةِ الدَّارِ مُطْلَقًا كَمَا فِي (بْن) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute