للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِرْجَاعِ الْهِبَةِ مِنْ وَلَدِهِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ اعْتِصَارٍ أَوْ غَيْرِهِ. (كَأُمٍّ) يَجُوزُ لَهَا الِاعْتِصَارُ لَكِنْ إذَا (وَهَبَتْ) صَغِيرًا (ذَا أَبٍ) فَأَوْلَى الْكَبِيرُ، لَا يَتِيمًا فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْهُ. وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْ ذِي الْأَبِ: (مَا لَمْ يَتَيَتَّمْ) بَعْدَ الْهِبَةِ، فَإِنْ تَيَتَّمَ فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْهُ، لِأَنَّ يُتْمَهُ مُفَوِّتٌ لِلِاعْتِصَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ، خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُمَّ لَهَا اعْتِصَارُ مَا وَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا غَيْرِ الْيَتِيمِ لَا مَنْ تَيَتَّمَ وَلَوْ بَعْدَ الْهِبَةِ.

(إلَّا فِيمَا) وُهِبَ لِلْوَلَدِ وَ (أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ) : أَيْ ثَوَابُهَا لَا مُجَرَّدُ ذَاتِ الْوَلَدِ، فَلَا اعْتِصَارَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حِينَئِذٍ كَالصَّدَقَةِ وَكَذَا إذَا أُرِيدَ بِهَا الصِّلَةُ وَالْحَنَانُ. (كَصَدَقَةٍ) عَلَى وَلَدٍ فَلَا اعْتِصَارَ فِيهَا (مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ) : أَيْ اعْتِصَارُ

ــ

[حاشية الصاوي]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ هِبَةً ثُمَّ يَعُودَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ» ، مَا يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ لَفْظِ الِاعْتِصَارِ.

قَوْلُهُ: [لَكِنْ إذَا وَهَبَتْ صَغِيرًا ذَا أَبٍ] : أَيْ فَمَحَلُّ جَوَازِ اعْتِصَارِ الْأُمِّ مِنْ الصَّغِيرِ بِشَرْطَيْنِ إذَا كَانَ ذَا أَبٍ حِينَ الْهِبَةِ وَلَمْ يَتَيَتَّمْ حِينَ إرَادَةِ الِاعْتِصَارِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ الْبَالِغُ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ مُطْلَقًا كَانَ ذَا أَبٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَيَتَّمُ لِفَقْدِ أَبِيهِ وَلَوْ جُنَّ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ بَعْدَ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ هَلْ لِوَلِيِّهِ الِاعْتِصَارُ أَمْ لَا قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ وَلِيَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ.

قَوْلُهُ: [فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُمَّ] إلَخْ: حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأُمَّ إذَا وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْهِبَةِ كَبِيرًا كَانَ لَهَا الِاعْتِصَارُ كَانَ لِلْوَلَدِ أَبٌ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا كَانَ لَهَا الِاعْتِصَارُ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ، عَاقِلًا كَانَ الْأَبُ أَوْ مَجْنُونًا مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَإِنْ تَيَتَّمَ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْهِبَةِ فَهَلْ لَهَا الِاعْتِصَارُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وَقْتِ الْهِبَةِ وَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ نَظَرًا لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ قَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ حِينَ الْهِبَةِ يَتِيمًا فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ.

قَوْلُهُ: [وَكَذَا إذَا أُرِيدَ بِهَا الصِّلَةُ وَالْحَنَانُ] : أَيْ فَإِرَادَةُ الصِّلَةِ وَالْحَنَانِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ تَمْنَعُ مِنْ الِاعْتِصَارِ، وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اعْتِصَارِهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَ (عب) قَالَ (بْن) وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ إتْيَانُهُ.

قَوْلُهُ: [كَصَدَقَةٍ] : فِيهِ أَنَّ مَا أُرِيدَ بِهِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ فَفِي كَلَامِهِ تَشْبِيهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>