للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَصْلًا أَخَذَهَا الْأَوَّلُ. (لَا) إنْ (غَلِطَ) : أَيْ ادَّعَى الْغَلَطَ بِأَنْ ذَكَرَ الصِّفَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: كَذَبْت، فَادَّعَى الْغَلَطَ؛ فَلَا يُسْتَأْنَى وَلَا تُدْفَعُ لَهُ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْجَاهِلِ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ حَيْثُ قَالَ لَا أَدْرِي أَوْ نَسِيته. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " عَلَى الْأَظْهَرِ، ثَانِيهَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقَبُولِ، ثَالِثُهَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِهِ.

(فَإِنْ أَثْبَتَ غَيْرُهُ) : أَيْ غَيْرُ الْجَاهِلِ بِالْأُخْرَى (أَكْثَرَ) بِأَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ مَعًا (أَخَذَهَا) دُونَ الْأَوَّلِ الْآتِي بِالْوَحْدَةِ فَقَطْ، وَيَبْقَى مَا إذَا ذَكَرَ الْأَوَّلُ الْعِفَاصَ فَقَطْ أَوْ الْوِكَاءَ، وَذَكَرَ الثَّانِي الصِّفَةَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ، هَلْ تَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ لِلْأَوَّلِ؟ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَأْتِ بِأَثْبَتَ - كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ - أَوْ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا؟ وَاسْتُظْهِرَ لِتَعَادُلِهِمَا فِي الْوَصْفِ، وَالْأَسْبَقِيَّةُ لَا تَقْتَضِي اسْتِحْقَاقًا.

(وَوَجَبَ) عَلَى مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً (أَخْذُهَا لِخَوْفِ خَائِنٍ) : أَيْ عِنْدَ خَوْفِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْ الْأَوَّلِ] : أَيْ بِأَنْ كَانَ وَصْفُ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَأَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: [قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ] : أَيْ قَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي. بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ أَوْ أَحَدَهُمَا وَغَلِطَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ كَأَنْ قَالَ بَنَادِقَةٌ فَإِذَا هِيَ مَحَابِيبُ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ قَالَ هِيَ يَزِيدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ أَوْ الْعَكْسُ، فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهُ اتِّفَاقًا.

قَوْلُهُ: [وَوَجَبَ عَلَى مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً] : حَاصِلُ هَذَا الْمَبْحَثِ أَنَّ مُرِيدَ الِالْتِقَاطِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ خِيَانَتَهَا أَوْ يَشُكَّ فِيهَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ الْخَائِنَ لَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ أَوْ لَا فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِشَرْطَيْنِ إنْ خَافَ الْخَائِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ عَلِمَ أَمَانَتَهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا، فَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ الْأَخْذُ خَافَ الْخَائِنَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ كُرِهَ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَالْوُجُوبُ فِي صُورَتَيْنِ وَكَذَا الْحُرْمَةُ وَكَذَا الْكَرَاهَةُ. هَذَا حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ وَهُوَ التَّحْرِيرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>