(وَفِقْهٌ) : أَيْ عِلْمٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي وُلِّيَ لِلْقَضَاءِ بِهَا (وَلَوْ مُقَلِّدًا) : لِمُجْتَهِدٍ عِنْدَ وُجُودِ مُجْتَهِدٍ مُطْلَقٍ. (وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) : شَرْطٌ خَامِسٌ: وَهُوَ (قُرَشِيٌّ) : أَيْ كَوْنُهُ قُرَشِيًّا: أَيْ مِنْ قُرَيْشٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ. وَقُرَيْشٌ هُوَ فِهْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ النَّضْرُ. وَفِهْرٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَبَّاسِيًّا وَلَا عَلَوِيًّا، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَبَّاسِيًّا. فَدَعْوَى أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [الَّتِي وَلِيَ لِلْقَضَاءِ بِهَا] : أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ أَحْكَامِ الْفِقْهِ إلَّا إنْ كَانَ مُوَلَّى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، وَيُسَمَّى عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِقَاضِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ كَانَ مُوَلَّى فِي شَيْءٍ خَاصٍّ كَالْأَنْكِحَةِ اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ بِهَا فَقَطْ، وَهَكَذَا قَوْلُهُ: [وَلَوْ مُقَلِّدًا لِمُجْتَهِدٍ] : أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ، حَيْثُ قَالَ مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ، وَالْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ، وَمُجْتَهِدُ مَذْهَبٍ، وَمُجْتَهِدُ فَتْوَى؛ فَالْمُطْلَقُ كَالصَّحَابَةِ وَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَمُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى إقَامَةِ الْأَدِلَّةِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ كَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَمُجْتَهِدُ الْفَتْوَى هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى التَّرْجِيحِ كَكِبَارِ الْمُؤَلَّفِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ فِي الْقَضَاءِ مَنْدُوبٌ.
قَوْلُهُ: [وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ] : اعْلَمْ أَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ابْتِدَاءً لَا فِي دَوَامِ وِلَايَتِهِ إذْ لَا يَنْعَزِلُ بَعْدَ مُبَايَعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لَهُ بِطُرُوِّ فِسْقٍ غَيْرِ كُفْرٍ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [جَعَلَ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ] : أَيْ لِأَمْرِهِ بِذَلِكَ فِي جُمْلَةِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَقُرَيْشٌ هُوَ فِهْرٌ] : أَيْ لِقَوْلِ الْعِرَاقِيِّ فِي السِّيرَةِ:
أَمَّا قُرَيْشٌ فَالْأَصَحُّ فِهْرٌ ... جِمَاعُهَا وَالْأَكْثَرُونَ النَّضْرُ
قَوْلُهُ: [وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَبَّاسِيًّا] إلَخْ: أَيْ وَلَا يُنْدَبُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدُ.
قَوْلُهُ: [فَدَعْوَى أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا] : أَيْ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ وَالتَّتَّائِيُّ، وَتَبِعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute