للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ وَلَّاهُ، إلَّا خَلِيفَةَ الْقَاضِي إذَا وَلَّاهُ الْقَاضِي بِجِهَةٍ بَعُدَتْ لِاتِّسَاعِ عَمَلِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي الَّذِي وَلَّاهُ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ. وَأَمَّا إذَا عَزَلَهُ مَنْ وَلَّاهُ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ قَطْعًا، إلَّا الْخَلِيفَةَ؛ فَلَا يُعْزَلُ إنْ أُزِيلَ وَصْفُهُ إذَا وُلِّيَ مُسْتَجْمِعًا لِشُرُوطِهَا. .

(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) : أَيْ الْقَاضِي إذَا شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ (أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا) وَسَوَاءٌ شَهِدَ بِذَلِكَ قَبْلَ عَزْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ. وَأَمَّا الْإِخْبَارُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْعَزْلِ لَا بَعْدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إخْبَارَهُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ

ــ

[حاشية الصاوي]

الْعَمَلِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا عُرْفٍ جَارٍ بِالْإِذْنِ وَإِلَّا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: [إلَّا خَلِيفَةَ الْقَاضِي] : أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ وَلَّاهُ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ، وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ نَفْسِ الْخَلِيفَةِ. بِخِلَافِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْ نَفْسِ الْقَاضِي، فَلِذَا انْعَزَلَ بِمَوْتِهِ وَبَحَثَ (بْن) فِي هَذَا الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ: إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْ الْخَلِيفَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْخَلِيفَةِ عَزْلُهُ، كَيْفَ. وَأَصْلُ الْقَضَاءِ لِلْخُلَفَاءِ، وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْخَلِيفَةِ، فَلِمَ لَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي نَائِبِ الْقَاضِي. فَإِنْ قُلْت: إنَّ ذَلِكَ لِلتَّخْفِيفِ عَنْ الْقَاضِي. قُلْت: السُّلْطَانُ أَيْضًا إنَّمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْضِيَ لِأَجْلِ التَّخْفِيفِ عَنْ نَفْسِهِ (اهـ) .

قَوْلُهُ: [فَتَأَمَّلْهُ] : أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ الْمُتَقَدِّمِ.

قَوْلُهُ: [إلَّا الْخَلِيفَةَ] : أَيْ السُّلْطَانَ.

قَوْلُهُ: [فَلَا يُعْزَلُ إنْ أُزِيلَ وَصْفُهُ] : أَيْ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكْفُرْ وَإِلَّا وَجَبَ عَزْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. .

قَوْلُهُ: [وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ] : إلَخْ: صُورَتُهَا أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ فِي قَضِيَّةٍ وَمَضَى زَمَنُهَا ثُمَّ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ وَأَنْكَرَ أَحَدُهُمَا الْحُكْمَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى حُكْمِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لِمَنْ ادَّعَى الْحُكْمَ، وَيَقُومُ مَقَامَ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ وُجُودُ الْقَضِيَّةِ فِي السِّجِلِّ الْكَائِنِ بِيَدِ الْعُدُولِ، وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ سِجِلَّاتُ الْقَضَاءِ لِرَفْعِ النِّزَاعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

قَوْلُهُ: [أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا] : أَيْ وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَبُولِ مَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ: شَهِدَ عِنْدِي شَاهِدَانِ بِكَذَا. وَقَدْ كُنْت قَبِلْت شَهَادَتَهُمَا غَيْرَ أَنِّي لَمْ يَصْدُرْ مِنِّي حُكْمٌ.

قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ] : أَيْ بِأَنْ تَقَدَّمَ الْإِخْبَارَ دَعْوَى مِنْ الْأَخْصَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>