(وَإِنْ أَقَامَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: " فَإِنْ نَفَاهَا "، يَعْنِي إذَا قَالَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي حِينَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ فَإِنْ نَفَاهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَإِنْ أَقَامَهَا (أَعْذَرَ إلَى الْمَطْلُوبِ) : وَهُوَ الْمُدَّعِي، بِأَنْ يَسْأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ عُذْرٍ بِ (أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ) أَيْ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمَطْلُوبِ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةِ الطَّالِبِ: أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ وَعُذْرٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ؟ فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: نَعَمْ، وَإِمَّا أَنْ يَعْجَزَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ الْإِعْذَارِ أَرْبَعَةً لَا إعْذَارَ فِيهِمْ بِقَوْلِهِ: (إلَّا شَاهِدَ الْإِقْرَارِ) . مِنْ الْمَطْلُوبِ الْكَائِنِ (بِالْمَجْلِسِ) : أَيْ مَجْلِسِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ نَفَاهَا] : أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ.
قَوْلُهُ: [أَعْذَرَ إلَى الْمَطْلُوبِ] : أَيْ زَالَ عُذْرُهُ فَالْهَمْزَةُ لِلسَّلْبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَثْبَتَ عُذْرَهُ وَحُجَّتَهُ إنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِ: أَعْجَمْت الْكِتَابَ، أَيْ أَزَلْت عُجْمَتَهُ بِالنَّقْطِ، وَشَكَا إلَيَّ زَيْدٌ فَأَشْكَيْتُهُ، أَيْ أَزَلْت شِكَايَتَهُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَالْإِعْذَارُ وَاجِبٌ إنْ ظَنَّ الْقَاضِي جَهْلَ مَنْ يُرِيدُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ الطَّعْنَ أَوْ ضَعَّفَهُ، وَأَمَّا إنْ ظَنَّ عِلْمَهُ بِأَنَّ لَهُ الطَّعْنَ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ بَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِدُونِهِ وَحَيْثُ وَجَبَ الْإِعْذَارُ وَحَكَمَ بِدُونِهِ نُقِضَ الْحُكْمُ وَاسْتُؤْنِفَ الْإِعْذَارُ.
قَوْلُهُ: [بِأَبْقَيْت لَك حُجَّةٌ] : تَصْوِيرٌ لِمَا يُزِيلُ بِهِ عُذْرَهُ وَحُجَّةٌ فَاعِلُ أَبَقِيَتْ وَكَلَامُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ حُضُورِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ، فَإِذَا جَاءَ الْخَصْمُ ذَكَرَ لَهُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ فَإِنْ ادَّعَى مَطْعَنًا كَلَّفَهُ إثْبَاتَهُ وَإِلَّا حَكَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَلَبَ إحْضَارَ الْبَيِّنَةِ ثَانِيًا لَمْ يُجَبْ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ أَنْظَرَهُ لَهَا إلَخْ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْمَطْلُوبِ] : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ الْإِقْرَارِ.
وَقَوْلُهُ: [بِالْمَجْلِسِ] : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِلْإِقْرَارِ قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ الْكَائِنِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ صِفَةً لِأَنَّ الظَّرْفَ وَالْمَجْرُورَ الْوَاقِعَ بَعْدَ الْمَقْرُونِ بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ يَجُوزُ جَعْلُهُ صِفَةً أَوْ حَالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute