(وَقَطْعَ) الْمُتَنَفِّلُ صَلَاتَهُ (إذَا أَحْرَمَ بِوَقْتِ نَهْيٍ) : وُجُوبًا إنْ أَحْرَمَ بِوَقْتِ حُرْمَةٍ، وَنَدْبًا إنْ أَحْرَمَ بِوَقْتِ كَرَاهَةٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: (قَطَعَ) بِانْعِقَادِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَحَالِ الْخُطْبَةِ، وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّهْيُ لِذَاتِ الْوَقْتِ كَحَالِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ، وَكَذَا بَعْدَ الطُّلُوعِ لِحِلِّ النَّافِلَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. فَلَا وَجْهَ لِانْعِقَادِهِ؛ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَصَوْمِ اللَّيْلِ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ مَعْنَى الْقَطْعِ
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى الْجِنَازَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَلَا تُعَادُ بِحَالٍ. بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي وَقْتِ الْحُرْمَةِ مَعَ عَدَمِ خَوْفِ التَّغَيُّرِ. فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهَا تُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنْ. أَيْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ تُدْفَنْ.
قَوْلُهُ: [وَقَطَعَ الْمُتَنَفِّلُ] إلَخْ: أَيْ أَحْرَمَ: بِنَافِلَةٍ: لِأَنَّهُ لَا يَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا. وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِي غَيْرِ الدَّاخِلِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ. فَإِنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّافِلَةِ جَهْلًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى لِلدَّاخِلِ أَنْ يَرْكَعَ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الْخَطِيبُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَأَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَحْرَمَ عَمْدًا، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ، وَسَوَاءٌ فِي الْكُلِّ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ] أَيْ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ.
قَوْلُهُ: [وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: قَطَعَ] إلَخْ: وَبَنَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الثَّوَابَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمَنْعِ، أَيْ: فَحَيْثُ قُلْنَا بِالِانْعِقَادِ يَأْثَمُ مِنْ جِهَةٍ وَيُثَابُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: [كَحَالِ الْخُطْبَةِ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا] : أَيْ مِنْ ضِيقِ الْوَقْتِ وَذِكْرِ الْفَائِتَةِ وَإِقَامَةِ الْحَاضِرَةِ. فَإِنَّ الْحُرْمَةَ فِيهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ الشَّغْلُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَتَفْوِيتُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرُ الْفَائِتَةِ عَنْ وَقْتِهَا وَالطَّعْنُ فِي الْإِمَامِ، وَهَذِهِ تَحْصُلُ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ نَظِيرَ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ.
قَوْلُهُ: [لِذَاتِ الْوَقْتِ] : أَيْ مُلَازِمٍ لِلْوَقْتِ بِمَعْنَى أَنَّ النَّهْيَ مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ، وَأَمَّا شَغْلُهَا بِغَيْرِ صَلَاةِ النَّفْلِ فَلَا نَهْيَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا وَجْهَ لِانْعِقَادِهِ] : وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ سَيِّدِي يَحْيَى الشَّاوِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute