للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاكِمًا بِمَا عَلِمَ وَلَوْ بِأَمْرٍ عَامٍّ لِيَحْكُمَ بِمُقْتَضَاهُ، فَقَدْ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ دَعْوَى؛ كَإِعْلَامِ الْعُدُولِ بِرُؤْيَتِهِمْ الشَّهْرَ فَيَحْكُمُ بِثُبُوتِهَا. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى حُكْمِهِ أُمُورٌ، كَوُجُوبِ الصِّيَامِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَتَمَامِ عِدَّةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ تَمَامِ أَجَلٍ لِدَيْنٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ: وَقَوْلُهُمْ: حُكْمُ الْحَاكِمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ، مُرَادُهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْخُصُومَاتِ؛

ــ

[حاشية الصاوي]

بِخِلَافِ قَوْلِ الْعُدُولِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِهَذَا عَلَى هَذَا كَذَا إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ لَا يَتَعَدَّاهُ فَالشَّهَادَةُ، ابْنُ عَرَفَةَ: حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ الْمَازِرِيُّ أَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ الْخَبَرُ الْمُتَعَلِّقُ بِجُزْئِيٍّ وَالرِّوَايَةَ الْمُتَعَلِّقُ بِكُلِّيٍّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ تَتَعَلَّقُ بِجُزْئِيٍّ كَخَبَرِ: «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ» وَخَبَرِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي لَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ فِيهَا وَذَكَرَ قِصَّةَ الدَّجَّالِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ أَحَادِيثَ مُتَعَلِّقَةٍ بِجُزْئِيٍّ وَكَآيَةِ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ انْتَهَى.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْحَقُّ فِي الْفَرْقِ مَا قَالَهُ (بْن) وَهُوَ أَنَّ الْخَبَرَ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ فَصْلُ قَضَاءٍ وَإِبْرَامُ حُكْمٍ أَمْ لَا، فَإِنْ قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ تَعْرِيفُ دَلِيلِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ يُشَرِّعُهُ أَوْ لَا فَإِنْ قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا فَهُوَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْخَبَرِ انْتَهَى وَتَعْرِيفُ شَارِحِنَا يُفِيدُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: إخْبَارُ عَدْلٍ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَحَاكِمًا مَفْعُولُهُ قَوْلُهُ: [حَاكِمًا] : أَيْ أَوْ مُحَكَّمًا وَقَوْلُهُ: [بِمَا عَلِمَ] : أَيْ إخْبَارٍ نَاشِئٍ عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ ظَنٍّ أَوْ شَكٍّ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ بِخُصُوصِهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ بَلْ الْمَدَارُ فِيهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِمَا شَهِدَ بِهِ كَرَأَيْت كَذَا أَوْ سَمِعْت كَذَا أَوْ لِهَذَا عِنْدَ هَذَا كَذَا فَلَا يُشْتَرَطُ لِأَدَائِهَا صِيغَةٌ مُعَيَّنَةٌ قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِأَمْرٍ عَامٍّ] : رَدٌّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الْمَازِرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ حَيْثُ خَصُّوهَا بِالْجُزْئِيِّ. قَوْلُهُ: [كَإِعْلَامِ الْعُدُولِ بِرُؤْيَتِهِمْ الشَّهْرَ] : مِثَالٌ لِلْأَمْرِ الْعَامِّ. قَوْلُهُ: [يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى] : أَيْ عَلَى تَقَدُّمِ دَعْوَى. قَوْلُهُ: [مُرَادُهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ إلَخْ] : أَيْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ لَمْ يَتَمَحَّضْ الْحَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>