وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ) : أَيْ فِي الزِّنَا أَوْ شَهَادَةِ (مَنْ حُدَّ) لِسُكْرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا (فِيمَا) : أَيْ فِي مِثْلِ مَا (حُدَّ فِيهِ) بِخُصُوصِهِ، فَلَا تُقْبَلُ لِلتَّأَسِّي. وَمِثْلُ الْحَدِّ: التَّعْزِيرُ، فَلَا يَشْهَدُ فِي مِثْلِ مَا عُزِّرَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَتَصِحُّ. (أَوْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ؛ كَأَنْ شَهِدَ وَحَلَفَ) عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ أَوْ عَلَى ثُبُوتِ الْحَقِّ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ الْعَوَامُّ فِي ذَلِكَ. (أَوْ) حَرَصَ (عَلَى الْأَدَاءِ: كَأَنْ رَفَعَ) شَهَادَتَهُ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ الطَّلَبِ (فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ) وَهُوَ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ كَالدِّينِ وَالْقِصَاصِ. (أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ) : وَهُوَ مَا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ إسْقَاطُهُ (فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَنْ حُدَّ] : أَيْ بِالْفِعْلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عُفِيَ عَنْهُ وَشَهِدَ فِي مِثْلِهِ إنْ كَانَ قَذْفًا فَيُقْبَلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، لَا إنْ كَانَ قَتْلًا فَلَا يَشْهَدُ فِي مِثْلِهِ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ الْأَخَوَيْنِ، وَانْظُرْ لَوْ جَلَدَ الْبِكْرَ فِي الزِّنَا هَلْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِاللِّوَاطِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَدِّ أَوْ لَا نَظَرًا لِدُخُولِهِ فِي الزِّنَا؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ شَهِدَ وَحَلَفَ] : قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْقَبُولِ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَهَادَتِهِ إذَا أَدَّاهَا وَذَلِكَ قَادِحٌ فِيهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ دَلِيلٌ عَلَى التَّعَصُّبِ وَشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى نُفُوذِهَا (اهـ) . تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ وَلَوْ بِالطَّلَاقِ إنْ اتَّهَمَهُ، أَيْ لِقَاعِدَةِ: تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْفُجُورِ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ مُرَاعَاةُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَذَا أَفَادَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ] : أَيْ وَسَلَّمَهُ لَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ رَفَعَ شَهَادَتَهُ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ الطَّلَبِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ رَفْعَ الشَّاهِدِ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ لَا يَجُوزُ وَمُبْطِلٌ لِشَهَادَتِهِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُعْلِمَ صَاحِبَ الْحَقِّ بِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهُ وُجُوبًا عَيْنِيًّا إنْ تَوَقَّفَ الْحَقُّ عَلَى شَهَادَتِهِ وَكِفَائِيًّا إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ] : أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ مَا لَا حَقَّ فِيهِ لِلَّهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إذْ مَا مِنْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute