بَعْدَ الْحُكْمِ مَضَى وَلَا يُنْقَضُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا مَثَلًا قَبْلَ الْأَدَاءِ فَيُنْقَضُ.
(بِخِلَافِ حُدُوثِ عَدَاوَةٍ) بَعْدَ الْأَدَاءِ، فَلَا يَضُرُّ إنْ تَحَقَّقَ حُدُوثُهَا، وَإِلَّا مُنِعَتْ؛ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ مُخَاصِمًا: تَتَّهِمُنِي وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجَانِينِ؟ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَدَاوَةَ سَابِقَةٌ عَلَى الْأَدَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ سَابِقًا.
(وَ) بِخِلَافِ (احْتِمَالِ جَرٍّ) بَعْدَ الْأَدَاءِ فَلَا يَضُرُّ، كَشَهَادَتِهِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْحُكْمِ، أَوْ شَهِدَ لَهَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا.
(أَوْ) احْتِمَالِ (دَفْعٍ) بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ؛ كَشَهَادَتِهِ بِفِسْقِ رَجُلٍ، ثُمَّ شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا خَطَأً وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِفِسْقِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي حَدِّهِمَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ قَذْفًا وَعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمَّا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ الْمَرْمِيُّ بِهِ زِنًا.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا مَنَعَتْ] : الْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْعَدَاوَةِ، وَالْمَعْنَى وَإِلَّا يَتَحَقَّقْ حُدُوثُ الْعَدَاوَةِ بَلْ احْتَمَلَ تَقَدُّمُهَا عَلَى الْأَدَاءِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: [مُخَاصِمًا] : أَيْ لَا شَاكِيًا لِلنَّاسِ مَا فَعَلَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُمْ اُنْظُرُوا مَا فَعَلَ مَعِي وَمَا قَالَ فِي حَقِّي فَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ تَبِعَ فِيهِ خَلِيلًا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ شَاكِيًا أَوْ مُخَاصِمًا وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
قَوْلُهُ: [كَشَهَادَةٍ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ] إلَخْ: أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَبَهَا قَبْلَ زَوَاجِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِمَا وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ الْحُكْمِ] : الصَّوَابُ حَذْفُهُ أَوْ يُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْمِثَالِ الثَّانِي، لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى زَوَاجُهُ لَهَا قَبْلَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الزَّوْجَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يُنَاكِرُ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: [وَقَبْلَ الْحُكْمِ] : أَيْ وَأَوْلَى بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِفِسْقِهِ] : أَيْ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ.