(وَ) عَرَفَتْ أَنَّهُ (تَحَمَّلَهَا عَدْلًا) : أَيْ كَتَبَ خَطَّهُ بِالشَّهَادَةِ وَهُوَ عَدْلٌ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُذْكَرَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ، بَلْ شَرْطُ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ وَاسْتَمَرَّ عَدْلًا حَتَّى مَاتَ أَوْ غَابَ.
(لَا) يَشْهَدُ شَاهِدٌ (عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) بِقَضِيَّةٍ (حَتَّى يَتَذَكَّرَهَا) فَيَشْهَدَ حِينَئِذٍ بِمَا عَلِمَ، لَا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ.
(وَ) إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ (أَدَّى) الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا خَطِّي وَلَكِنِّي لَمْ أَذْكُرْ الْقَضِيَّةَ (بِلَا نَفْعٍ) لِلطَّالِبِ. وَفَائِدَةُ الْأَدَاءِ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ أَوَّلًا: إنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا - وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ - فَلْيَشْهَدْ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ: مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ حَبِيبٍ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: صَوَّبَ جَمَاعَةٌ أَنْ يَشْهَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ، وَلِكَثْرَةِ نِسْيَانِ الشَّاهِدِ الْمُنْتَصِبِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَهَا لَمْ يَكُنْ لِوَضْعِ خَطِّهِ فَائِدَةٌ (اهـ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ كَتَبَ خَطَّهُ بِالشَّهَادَةِ وَهُوَ عَدْلٌ] : أَيْ لِأَنَّ كَتْبَهُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ أَدَائِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَنَا الْعَدَالَةُ فِي التَّحَمُّلِ بَلْ فِي الْأَدَاءِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ أَنْ تَكُونَ لِنَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ بَلْ بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ: [حَتَّى يَتَذَكَّرَهَا] : أَيْ بِتَمَامِهَا وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْضَهَا فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدِّي بِلَا نَفْعٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ.
قَوْلُهُ: [بِلَا نَفْعٍ لِلطَّالِبِ] : أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: [لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا] : مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ جَزَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهَا عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا.
قَوْلُهُ: [صَوَّبَ جَمَاعَةٌ أَنْ يَشْهَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْوٌ] إلَخْ: مَحَلُّ ضَرَرِ الْمَحْوِ مَا لَمْ يَكُنْ مُبَدَّلًا مِنْ خَطِّ الْأَصْلِ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ] : أَيْ وَلِذَلِكَ نُقِلَ عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَتَى وَجَدْت خَطِّي شَهِدْت عَلَيْهِ، لِأَنِّي لَا أَكْتُبُ إلَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ نَفْسِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute