النَّقْلُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ إذَا كَانَ رَجُلًا. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَصِحُّ مَعَ حُضُورٍ، لِأَنَّ شَأْنَ النِّسَاءِ عَدَمُ الْخُرُوجِ فِي الدَّعَاوَى.
وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: (بِمَكَانٍ) : أَيْ إنْ غَابَ بِمَكَانٍ (لَا يَلْزَمُ) الْأَصْلِيَّ (الْأَدَاءُ مِنْهُ) : كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَظَاهِرُهُ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: لَا يَكْفِي الْغَيْبَةُ فِي الْحُدُودِ ثَلَاثَةَ الْأَيَّامِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: " وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ " وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَمْ يَبْعُدْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَلْزَمْ الْأَصْلِيَّ الْإِتْيَانُ لِمَحَلِّ الْحُكْمِ كَمَا مَرَّ، فَلِمَ لَمْ يَجُزْ النَّقْلُ عَنْهُ؟ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ " أَوْ غَابَ " قَوْلَهُ: (أَوْ مَاتَ) الْأَصْلُ (أَوْ مَرِضَ) مَرَضًا يَعْسُرُ مَعَهُ الْحُضُورُ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَمْ يَطْرَا) لِلْأَصِيلِ (فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ.
(بِخِلَافِ) طُرُوُّ (جِنٍّ) : أَيْ جُنُونٍ لِلْأَصْلِ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْأَدَاءِ فَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ كَالْمَوْتِ وَالْمَرَضِ.
وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ النَّاقِلَ (أَصْلُهُ) : فَإِنْ كَذَّبَهُ حَقِيقَةً.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَعَ حُضُورٍ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُنَاسِبُ مَعَ حُضُورِهَا، وَالْمُرَادُ بِحُضُورِهَا كَوْنُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ بُرُدٍ فَأَقَلَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حُضُورَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا كَانَ النَّقْلُ عَنْهَا عَبَثًا.
قَوْلُهُ: [وَفِيهَا إشْكَالٌ] : وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ بِمُوجِبِ حَدٍّ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ شَهَادَتَهُ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ وَيُخَاطِبُ الْقَاضِي بِهِ قَاضِي الْمِصْرِ الَّذِي يُرَادُ نَقْلُ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ هُنَا وَاكْتَفَوْا بِالْخِطَابِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النُّفُوسَ تَثِقُ بِنَقْلِ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ أَعْظَمَ مِنْ وُثُوقِهَا بِنَفْسِ الشُّهُودِ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَطْرَا] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَلِفِ وَالْفَصِيحُ حَذْفُهَا لِلْجَازِمِ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ الْأَدَاءِ] : أَيْ وَأَمَّا طُرُّوهُ لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ بَعْدَ أَدَاءِ النَّاقِلِ فَلَا يَضُرُّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ (بْن) وَالْحَاشِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute