(أَوْ) يَكُونُ (لِمَنْ يُقِرُّ) الْحَائِزَ لَهُ (بِهِ مِنْهُمَا) : أَيْ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَامَا الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِأَحَدِهِمَا كَأَنَّهُ تَرْجِيحٌ لِبَيِّنَتِهِ فَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَيُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا.
(وَمَنْ) لَهُ حَقٌّ عَلَى آخَرَ وَأَنْكَرَهُ، وَلَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً أَوْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ غَصَبَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ بِحَاكِمٍ وَ (قَدَرَ عَلَى) أَخْذِ (حَقِّهِ) بَاطِنًا بِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا (فَلَهُ أَخْذُهُ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَفَادَهَا بِقَوْلِهِ:
(إنْ أَمِنَ فِتْنَةً) ، أَيْ وُقُوعَ فِتْنَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ حَبْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(وَ) أَمِنَ (رَذِيلَةً) تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ.
(وَكَانَ) الْحَقُّ (غَيْرَ عُقُوبَةٍ) فَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً فَلَا يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ، فَلَا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ وَلَا يَجْرَحُ مَنْ جَرَحَهُ وَلَا يَسُبُّ مَنْ سَبَّهُ.
(وَيُجِيبُ الرَّقِيقُ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى - إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِعُقُوبَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بَيْنَهُمَا، وَفِي صُوَرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ إنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ حَلَفَ وَبَقِيَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ هُنَا وَضَعْفِهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ، فَلِذَا حَلَفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ هُنَا. وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي، قُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ بْن) .
قَوْلُهُ: [وَمَنْ لَهُ حَقٌّ] : أَيْ مَالِيٌّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَإِنَّمَا كَرَّرَهَا لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ يُغْتَفَرُ فِيهِ التَّكْرَارُ لِمُنَاسِبَةِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: [وَأَنْكَرَهُ] : مِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ وَكَانَ مُمَاطِلًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَسْتَوْفِيهَا] : إثْبَاتُ الْيَاءِ يُفِيدُ أَنْ لَا نَافِيَةٌ أَيْ فَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِيهَا.
قَوْلُهُ: [بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ مُنْصِفٌ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّفْوِيضُ لِلَّهِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ، وَلَا يَأْخُذُ ثَأْرَهُ بِنَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْهَرْجِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: [وَيُجِيبُ الرَّقِيقُ] : مَحَلُّ اعْتِبَارِ جَوَابِ الرَّقِيقِ فِي دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِي جَوَابِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ كَإِقْرَارِهِ بِقَتْلِ مُمَاثِلِهِ وَقَدْ اسْتَحْيَاهُ سَيِّدُ مُمَاثِلِهِ لِيَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَحْيَاهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ تَوَاطَأَ مَعَ سَيِّدِ الْعَبْدِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِ سَيِّدِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْمَلُ بِجَوَابِهِ وَلَا يُمَكَّنُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمُمَاثِلِ مِنْ أَخْذِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّ ذَلِكَ السَّيِّدِ مِنْ