للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقُولُ: الطَّهَارَةُ الْقَائِمَةُ بِالشَّيْءِ الطَّاهِرِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ؛ أَيْ يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِثُبُوتِهَا وَحُصُولِهَا فِي نَفْسِهَا فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْحَالِ، أَوْ مِنْ الصِّفَاتِ الِاعْتِبَارِيَّةِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْحَالِ؛ كَالْوُجُودِ وَالظُّهُورِ وَالشَّرَفِ وَالْخِسَّةِ؛ فَإِنَّهَا صِفَاتٌ حُكْمِيَّةٌ، أَيْ اعْتِبَارِيَّةٌ يَعْتَبِرُهَا الْعَقْلُ. أَوْ أَنَّهَا أَحْوَالٌ: أَيْ لَهَا ثُبُوتٌ فِي نَفْسِهَا، وَلَيْسَتْ وُجُودِيَّةً كَصِفَاتِ الْمَعَانِي، وَلَا سَلْبِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهَا سَلْبَ شَيْءٍ كَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ.

وَقَوْلُهُ: (يُسْتَبَاحُ) : أَيْ يُبَاحُ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّوْكِيدِ. وَقَوْلُهُ: (مَا) : كِنَايَةٌ عَنْ فِعْلٍ أَيْ يُبَاحُ بِهَا فِعْلٌ؛ كَصَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ. (مَنَعَهُ) : أَيْ مَنَعَ مِنْهُ

ــ

[حاشية الصاوي]

مِنْ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلنَّظَافَةِ مِنْ الْأَوْسَاخِ، بِقَيْدِ كَوْنِهَا حِسِّيَّةً، وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي النَّظَافَةِ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْمَعْنَوِيَّةِ مَجَازٌ، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] ، وَالْمَجَازُ لَا يُؤَكَّدُ إلَّا شُذُوذًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] .

قَوْلُهُ: [صِفَةٌ] : دَخَلَ تَحْتَهَا أَقْسَامُ الصِّفَاتِ الثَّلَاثَةِ: الْمَعَانِي وَالْمَعْنَوِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ، فَلِذَلِكَ أَخْرَجَ الْمَعَانِيَ وَالسَّلْبِيَّةَ بِقَوْلِهِ حُكْمِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: [بِالشَّيْءِ الطَّاهِرِ] : أَيْ حَيَوَانًا أَوْ جَمَادًا كَانَ الْحَيَوَانُ عَاقِلًا أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: [يَحْكُمُ الْعَقْلُ] تَبَعًا لِلشَّرْعِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْأَحْوَالِ] إلَخْ: وَهِيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ لَا تُوصَفُ بِالْوُجُودِ بِحَيْثُ يَصِحُّ أَنْ تُرَى، وَلَا بِالْعَدَمِ بِحَيْثُ لَا تُدْرَكُ إلَّا فِي التَّعَقُّلِ، بَلْ هِيَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْوَصْفِ الْوُجُودِيِّ وَالِاعْتِبَارِيِّ.

قَوْلُهُ: [أَوْ مِنْ الصِّفَاتِ الِاعْتِبَارِيَّةِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ. لِأَنَّ الْحَقَّ أَنْ لَا حَالَ.

وَالْحَالُ مُحَالٌ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ.

قَوْلُهُ: [كَالْوُجُودِ] إلَخْ: هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ لِمَا فِيهِ الْخِلَافُ.

قَوْلُهُ: [فَإِنَّهَا صِفَاتٌ حُكْمِيَّةٌ] إلَخْ: تَوْضِيحٌ لِلْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا.

قَوْلُهُ: [لِلتَّوْكِيدِ] : أَيْ زَائِدَتَانِ لِلتَّوْكِيدِ وَلَيْسَتَا لِلطَّلَبِ.

قَوْلُهُ: [فِعْلٌ كَصَلَاةٍ] : يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ.

قَوْلُهُ: [أَيْ مَنَعَ مِنْهُ] : إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَإِيصَالًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>