وَكَذَا إنْ غَرَسَ أَوْ قَطَعَ الشَّجَرَ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ. وَهَذَا فِي الْفِعْلِ الْكَثِيرِ عُرْفًا. فَهَدْمُ شَيْءٍ يَسِيرٍ أَوْ بِنَاؤُهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ عَادَةً؛ كَفُرْنٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ قَطْعِ شَجَرَةٍ وَنَحْوِهَا لَا يُعْتَبَرُ.
(وَفِي الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ (مُطْلَقًا) شَرِيكًا: أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ. (مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً) لَا الْأَرْبَعِينَ فَقَطْ عَلَى الْأَرْجَحِ.
(إلَّا الْأَبُ وَابْنُهُ فِيمَا) : أَيْ فَلَا حِيَازَةَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِزَمَنٍ (تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ) عَادَةً (وَيَنْقَطِعُ) فِيهِ (الْعِلْم) بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَالْحَائِزُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي؛ كَالسِّتِّينَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكَذَا إنْ غَرَسَ أَوْ قَطَعَ الشَّجَرَ] : أَيْ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَأَوْلَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، فَخَالَفَ الشَّرِيكُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرِيكَ لَا يُعَدُّ حَائِزًا إلَّا بِأَحَدِ تِلْكَ الْأُمُورِ السَّبْعَةِ. بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْغَيْرِ الشَّرِيكِ فَيُعَدُّ حَائِزًا بِالتَّصَرُّفِ بِهَذِهِ السَّبْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَوَالِيَ وَالْأَصْهَارَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إلَّا مَعَ الطُّولِ جِدًّا بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ كَانَ بِالِاسْتِغْلَالِ بِالْكِرَاءِ أَوْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ زَرْعٍ. الثَّانِي: أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ اسْتِغْلَالٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ زَرْعٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَغَرْسِ الشَّجَرِ أَوْ قَطْعِهِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ لَا بِاسْتِغْلَالٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ زَرْعٍ.
قَوْلُهُ: [مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً] : فِي (عب) مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَالْأَجَانِبُ الشُّرَكَاءُ تَكْفِي الْحِيَازَةُ عَشْرَ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِوَاحِدٍ مِنْ سَبْعَةِ أُمُورٍ.
قَوْلُهُ: [إلَّا الْأَبُ وَابْنُهُ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْحَائِزِ مِنْهُمَا بِمَا يُفِيتُ الذَّاتَ أَوْ كَانَ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ جِدًّا كَالسِّتِّينَ سَنَةً، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ الْمُدَّةَ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute