للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذِمِّيٍّ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْلَى مِنْ حُرِّيَّةِ الذِّمِّيِّ، وَالْأَعْلَى لَا يُقْتَلُ بِالْأَدْنَى. وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِقِيمَةِ رَقِيقٍ أَوْ دِيَةٍ.

وَالْكَلَامُ هُنَا فِي غَيْرِ قَتْلِ الْغِيلَةِ. وَأَمَّا فِيهَا: فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ: " إلَّا الْغِيلَةَ ". وَحَذَفْنَا هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ حُكْمَ الْغِيلَةِ سَيَأْتِي مُسْتَقِلًّا بِفَصْلٍ.

وَقَوْلُهُ (مَعْصُومًا) : مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ " أَتْلَفَ " وَهُوَ إشَارَةٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَشُرُوطُهُ: أَيْ إنْ أَتْلَفَ الْمُكَلَّفُ الْمَذْكُورُ مَعْصُومًا مُكَلَّفًا أَمْ لَا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ بَلْ الْعِصْمَةُ، فَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ، فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ بِالِارْتِدَادِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ زِيَادَةِ الْجَانِي بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ أَنْقَصَ مِنْ الْجَانِي، فَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ قَدَّمَ مِثَالَهُ.

(لِلتَّلَفِ) مُتَعَلِّقٌ " بِمَعْصُومٍ ": أَيْ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ: أَيْ مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ أَوْ الرَّمْيِ بِالسَّهْمِ لِلْمَوْتِ؛ فَمَنْ ضَرَبَ أَوْ رَمَى مَعْصُومًا فَارْتَدَّ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ لَمْ يُقْتَصَّ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [مِمَّا يَتَعَلَّقُ] إلَخْ: بَيَانٌ لِحُكْمٍ.

قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ قَتْلِ الْغِيلَةِ] : بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: وَهِيَ قَتْلٌ لِأَخْذِ الْمَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَلِذَا قَالَ مَالِكٌ: لَا عَفْوَ فِيهِ وَلَا صُلْحَ، وَصُلْحُ الْوَلِيِّ مَرْدُودٌ وَالْحُكْمُ فِيهِ لِلْإِمَامِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: [مَعْصُومًا] : صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَخْصًا مَعْصُومًا.

قَوْلُهُ: [فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ] : أَيْ الْمُرْتَدِّ.

وَقَوْلُهُ: [لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ بِالِارْتِدَادِ] : تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَتَرَكَ التَّعْلِيلَ لِلْحَرْبِيِّ لِظُهُورِهِ، لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ دَمُهُ هَدَرٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ يُسَوَّغُ لَهُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ. بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَقَتْلُهُ لَيْسَ إلَّا لِلْحَاكِمِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ فِيهِ الْقِصَاصُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: [وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثَالُهُ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ مُسْلِمٌ بِرَقِيقٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: [أَيْ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ] : الْأَوْضَحُ حَذْفُ قَوْلِهِ لِلتَّلَفِ وَأَيْ الَّتِي بَعْدَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>