وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْعَقْلِ قَوْلَهُ: (كَعَيْنِ أَعْمَى) : أَيْ حَدَقَتِهِ جَنَى عَلَيْهَا ذُو سَالِمَةٍ بِأَنْ قَلَعَهَا؛ فَإِنَّ السَّالِمَةَ لَا تُؤْخَذُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، بَلْ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ بِالِاجْتِهَادِ، وَفِي الْعَكْسِ الدِّيَةُ. (وَلِسَانِ أَبْكَمَ) : لَا يُقْطَعُ بِالنَّاطِقِ وَلَا عَكْسُهُ، وَفِي النَّاطِقِ الدِّيَةُ وَفِي الْأَبْكَمِ الْحُكُومَةُ.
(وَمَا بَعْدَ مُوضِحَةٍ) مِنْ الْجِرَاحِ: لَا قِصَاصَ فِيهِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ، وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ:
(مِنْ مُنَقِّلَةٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً؛ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ (وَهِيَ: مَا يُنْقَلُ بِهَا) : أَيْ فِيهَا (فَرَاشُ الْعَظْمِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا: أَيْ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ الْكَائِنُ فَوْقَ الْعَظْمِ كَقِشْرِ الْبَصَلِ: أَيْ مَا يُزِيلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ فَرَاشَ الْعَظْمِ (لِلدَّوَاءِ) : أَيْ لِأَجْلِهِ لِيَلْتَئِمَ الْجُرْحُ: أَيْ مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ. وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِصَاصٌ لِشِدَّةِ خَطَرِهَا.
(وَآمَّةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَمْدُودَةً: وَهِيَ مَا (أَفَضْت لِأُمِّ الدِّمَاغِ) وَأُمُّ الدِّمَاغِ: جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَفْرُوشَةٌ عَلَيْهِ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَفِي الْعَكْسِ الدِّيَةُ] : أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَانِي أَعْمَى وَفَقَأَ عَيْنَ الْبَصِيرِ.
قَوْلُهُ: [وَفِي النَّاطِقِ الدِّيَةُ] إلَخْ: أَيْ كَمَا قِيلَ فِي الْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ وَالْعَيْنِ الْبَصِيرَةِ.
قَوْلُهُ: [وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ] : أَيْ فَيَسْتَوِي عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ] : هَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ بَحْثَ (بْن) الْمُتَقَدِّمَ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فِيهَا] جَعْلُ الْبَاءِ بِمَعْنَى فِي يُشْكِلُ عَلَيْهِ آخِرَ الْعِبَارَةِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مِنْ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَا أَفَضْت لِأُمِّ الدِّمَاغِ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الْجُرْحُ الْوَاصِلَةُ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَخْرِقْهَا، وَذَكَرَ خَلِيلٌ بَعْدَهَا الدَّامِغَةَ بِعَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ مَا خَرَقَتْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَنْكَشِفْ بَلْ نَحْوُ قَدْرِ مَغْرِزِ إبْرَةٍ فَعَلَى كَلَامِ خَلِيلٍ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْآمَّةَ وَالدَّامِغَةَ مُتَرَادِفَانِ أَوْ كَالْمُتَرَادَفِينَ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا مُصَنِّفُنَا وَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ شَيْئَيْنِ.
قَوْلُهُ: [جَلْدَةٌ رَقِيقَةٌ] : مُحَصِّلُهُ أَنَّ الدِّمَاغَ اسْمٌ لِلْمُخِّ وَأُمُّهُ هِيَ الْجَلْدَةُ الرَّقِيقَةُ.