للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نَصِيبَهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) : وَكَذَا لَوْ عَفَا جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ مُرَتَّبًا، فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ نَصِيبُهُ كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ - لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ لَوْ عَفْوًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ، كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا وَعَفَا.

(كَإِرْثِهِ) : أَيْ الدَّمَ؛ تَشْبِيهٌ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ: كَمَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ أَبَاهُ ثُمَّ مَاتَ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْقَاتِلِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ وَكَذَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ الدَّمِ، كَمَا قَالَ:

(وَلَوْ قِسْطًا) كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ الْقَاتِلِ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ، فَيَسْقُطُ، وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

وَمَا بَقِيَ مِنْهَا يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ عَفَا أَحَدُ ابْنَيْنِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ بَقِيَ تَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا.

قَوْلُهُ: [كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ] : أَيْ وَعَفَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ أَوْ هُمَا مُرَتَّبَيْنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْعَفْوُ مَجَّانًا، أَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى مَالٍ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكَلُّمٌ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مُرَتَّبًا أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: [فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ] : أَيْ وَحَيْثُ وَرِثَ الْقَاتِلُ دَمَ نَفْسِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا صَارَ مَعْصُومًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ قَتْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ وَصَارَ الْحَقُّ لِلَّهِ وَلِلْمَقْتُولِ، فَحَقُّ اللَّهِ يُقْبَلُ بِالتَّوْبَةِ وَحَقُّ الْمَقْتُولِ مَعْجُوزٌ عَنْ وَفَائِهِ فَعَلَيْهِ التَّضَرُّعُ لِلَّهِ فِي إرْضَائِهِ عَنْهُ وَهَذَا بِخِلَافِ حَدٍّ نَحْوِ الزِّنَا مِنْ كُلِّ حَدٍّ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَلِيٍّ يَطْلُبُهُ بَلْ مَتَى ثَبَتَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إقَامَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إقَامَتُهُ وَجَازَ لَهُ السَّتْرُ وَإِخْلَاصُ التَّوْبَةِ لِلَّهِ.

قَوْلُهُ: [وَلَوْ قِسْطًا] إلَخْ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَرِثَ الْقَاتِلُ أَحَدَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي إذَا وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُ بِالْعَفْوِ، وَأَمَّا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>