(الْبَاغِيَةُ: فِرْقَةٌ) أَيْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ بَاغِيًا (أَبَتْ طَاعَةَ الْإِمَامِ الْحَقِّ) : الَّذِي ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِإِيصَاءِ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ مَوْتِهِ لَهُ - حَيْثُ كَانَ مُتَأَهِّلًا - وَإِلَّا فَأَهْلُ الْعِلْمِ فَشَرْطُ الْإِمَامِ: تَسْلِيمُ الْعُدُولِ ذَوِي الرَّأْيِ؛ فَلَا يَرِدُ قِتَالُ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّ يَزِيدَ لَمْ يُسَلِّمْ أَهْلَ الْحِجَازِ إمَامَتَهُ لِظُلْمِهِ. وَمِثْلُ الْإِمَامِ: نَائِبُهُ (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) مُتَعَلِّقٌ " بِطَاعَةٍ ". (بِمُغَالَبَةٍ) : أَيْ إظْهَارِ الْقَهْرِ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلْ الْإِمَامَ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا بِالْمُقَاتِلَةِ، وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ تَأْوِيلًا) : فِي عَدَمِ طَاعَتِهِ لِشُبْهَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُمْ، وَلَا إثْمٌ. فَالْمُبَالَغَةُ فِي كَوْنِهِمْ بَاغِيَةً: أَيْ أَنَّهُمْ بَاغِيَةٌ وَلَوْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ، وَغَيْرُ الْمَعْصِيَةِ الْمُمْتَنِعُونَ مِنْ طَاعَتِهِ فِيهَا؛ كَمَنْعِ حَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ وَجَبَ عَلَيْهِمْ كَزَكَاةٍ وَأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمْ مِمَّا جَبَوْهُ -
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِإِيصَاءِ الْخَلِيفَةِ] : مِثْلُ ذَلِكَ تَغَلُّبُهُ وَدَخَلَ عُمُومُ النَّاسِ تَحْتَ طَاعَتِهِ.
قَوْلُهُ: [حَيْثُ كَانَ مُتَأَهِّلًا] : قَيْدٌ فِي تَنْفِيذِ وَصِيَّةِ الْخَلِيفَةِ.
وَقَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَأَهْلُ الْعِلْمِ] : أَيْ وَإِلَّا يُوصِي أَوْ أَوْصَى لِغَيْرِ مُتَأَهِّلٍ فَالْكَلَامُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَيْ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: [فَشَرْطُ الْإِمَامِ تَسْلِيمُ الْعُدُولِ] إلَخْ: مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ؛ فَالْمُنَاسِبُ تَعْبِيرُهُ كَالْأَصْلِ حَيْثُ قَالَ: فِرْقَةٌ خَالَفَتْ الْإِمَامَ الَّذِي ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَمْ تَثْبُتْ إمَامَتُهُ لِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ لَمْ تُسْلِمْ لَهُ الْإِمَامَةَ لِظُلْمِهِ (اهـ) فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُتَغَلِّبَ لَا تَثْبُتُ لَهُ الْإِمَامَةُ إلَّا إنْ دَخَلَ عُمُومُ النَّاسِ تَحْتَ طَاعَتِهِ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ بَاغِيًا كَقَضِيَّةِ الْحُسَيْنِ مَعَ الْيَزِيدِ.
قَوْلُهُ: [وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَأْوِيلًا] : الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ وَقَوْلُهُ.
قَوْلُهُ: [فَالْمُبَالَغَةُ فِي كَوْنِهِمْ بَاغِيَةً] : أَيْ مُخْطِئِينَ غَيْرَ مُصِيبِينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْخَطَأِ حُصُولُ الْإِثْمِ.
قَوْلُهُ: [وَغَيْرِ الْمَعْصِيَةِ] إلَخْ: مَعْنَاهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ الْمُمْتَنِعُونَ مِنْ طَاعَتِهِ فِيهَا إلَخْ، وَفِي التَّرْكِيبِ رِكَّةٌ وَتَعْقِيدٌ لَا يَخْفَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute