(وَأُدِّبَ فِي: فَاجِرٍ) حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الزِّنَا، فَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي: " كَقَحْبَةٍ " (وَحِمَارٍ وَابْنِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ ابْنِ الْكَلْبِ) أَوْ الْيَهُودِيِّ، أَوْ الْكَافِرِ؛ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ لِارْتِكَابِهِ الْقَوْلَ الْمُحَرَّمَ الَّذِي لَمْ يَدُلَّ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ نَفْيُ نَسَبٍ وَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ.
(وَأَنَا عَفِيفٌ) بِدُونِ زِيَادَةِ لَفْظِ الْفَرْجِ، وَلَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ) رَجُلٌ (لِامْرَأَةٍ) : لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ: (زَنَيْت، فَقَالَتْ) فِي جَوَابِهِ: (بِك، حُدَّتْ لِلْقَذْفِ) ؛ لِأَنَّهَا قَذَفَتْهُ فِي قَوْلِهَا: " بِك " (وَالزِّنَا) : أَيْ: وَتُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا لِتَصْدِيقِهَا لَهُ؛ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهَا مَا لَمْ تَرْجِعْ.
(وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ) : أَيْ لِلْمَقْذُوفِ الْقِيَامُ بِحَدِّ قَاذِفِهِ، وَإِنْ عَلِمَ الْمَقْذُوفُ أَنَّ مَا رُمِيَ بِهِ مُتَّصِفٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ.
وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءَ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَضُرِبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ] : أَيْ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ تَرْجِعْ] : أَيْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا فَلَا تُحَدَّ لَهُ وَتُحَدُّ لِقَذْفِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ بِك زَنَيْت فَقَالَ مَالِكٌ: تُحَدُّ لِلرَّجُلِ وَلِلزِّنَا، وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهَا فَتُحَدُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ رَجَعَتْ وَقَالَتْ: مَا قُلْت ذَلِكَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُجَاوَبَةِ وَلَمْ أُرِدْ قَذْفًا وَلَا إقْرَارًا فَلَا تُحَدُّ وَيُحَدُّ الرَّجُلُ (اهـ) هَكَذَا فِي بْن وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا زَانِي فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي لَمْ يُحَدُّ الْقَائِلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ وَحُدَّ الثَّانِي لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: يَا مُعَرَّصُ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَعَرْصُ مِنِّي حُدَّ الْأَوَّلُ لَزَوْجَةِ الْآخَرِ وَأُدِّبَ لَهُ، وَحُدَّ الثَّانِي لِزَوْجَتِهِ وَلِزَوْجَةِ الْأَوَّلِ حَدًّا وَاحِدًا، وَأُدِّبَ لَهُ، هَذَا إذَا لَمْ يُلَاعِنْ الثَّانِي لِزَوْجَتِهِ، فَإِنْ لَاعَنَ لَهَا حُدَّ لَزَوْجَةِ الْأَوَّلِ إنْ قَامَتْ بِهِ بَعْدَ أَنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ، فَإِنْ قَامَتْ بِهِ قَبْلُ فَحَدُّهُ لَهَا حَدٌّ لِزَوْجَتِهِ ذَكَرَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ] : أَيْ وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ يَزْنِي لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسِّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ لِخَبَرِ: «مَنْ أَتَى مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَةَ وَجْهِهِ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» ، وَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute