(مُخْتَارًا) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ التَّكْلِيفُ (بِلَا عُذْرٍ) احْتِرَازًا عَمَّنْ ظَنَّهُ غَيْرَ مُسْكِرٍ.
(وَ) بِلَا (ضَرُورَةٍ) : فَلَا حُرْمَةَ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ لِغُصَّةٍ كَمَا يَأْتِي، وَهِيَ مِنْ الْعُذْرِ فَيُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ.
(وَإِنْ قَلَّ) جِدًّا بَلْ وَلَوْ غَمَسَ إبْرَةً فِي مُسْكِرٍ وَوَضَعَهَا فِي فِيهِ وَبَلَعَ رِيقَهُ، فَيُحَدُّ كَمَنْ شَرِبَ كَقِنْطَارٍ. وَقِيلَ: لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ شُرْبًا، وَاسْتُظْهِرَ.
(أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) مَعَ عِلْمِ الْحُرْمَةِ، أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ كَانَ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ مَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنَّهُ غَيْرُ خَمْرٍ فَلَا يُحَدُّ وَعَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ.
قَوْلُهُ: [احْتِرَازًا عَمَّنْ ظَنَّهُ غَيْرَ مُسْكِرٍ] : أَيْ بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا حُرْمَةَ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ] : أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا حَدَّ أَيْضًا، وَلَوْ سَكِرَ مِنْهُ قَالَ (عب) وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ قُدُومِهِ عَلَى شُرْبِهِ مَعَ ظَنِّهِ غَيْرَهُ وَأَمَّا مَعَ شَكِّهِ فَيَحْرُمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِدَرْئِهِ بِشُبْهَةِ الشَّكِّ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مِنْ الْعُذْرِ فَيُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ] : أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ الْغَلَطُ وَهُوَ غَيْرُ الضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ قَلَّ جِدًّا] : أَيْ لِخَبَرِ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» .
قَوْلُهُ: [قِيلَ لَا يُحَدُّ] إلَخْ: قَائِلُهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَأَفَادَ أَنَّ الْحَدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَمُّقِ فِي الدِّينِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يُحَدُّ] : فَإِنْ قِيلَ لَمْ يُعْذَرْ هُنَا وَعُذِرَ فِي الزِّنَا بِجَهْلِ الْحُكْمِ إنْ جُهِلَ مِثْلُهُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الشُّرْبَ أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ مَفَاسِدَهُ أَشَدُّ مِنْ مَفَاسِدِ الزِّنَا لِكَثْرَتِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ بِشُرْبِهِ زِنًا وَسَرِقَةٌ وَقَتْلٌ وَلِذَا وَرَدَ أَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ أَفَادَهُ (عب) .
قَوْلُهُ: [يَشْرَبُ النَّبِيذَ] : أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ مِنْهُ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْخَمْرَ وَهُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ شُرْبُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ إجْمَاعًا لَا فَرْقَ بَيْنَ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَأَمَّا النَّبِيذُ وَهُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ أَوْ الْبَلَحِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَشُرْبُ