وَأَمَّا مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ بِفِعْلِ شَخْصٍ فَعَلَى فَاعِلِهِ وَإِنْ سَقَطَ رَاكِبُهَا فَأَتْلَفَ مَالًا، فَفِي مَالِهِ وَغَيْرُ الْمَالِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَمَا أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ أَتْلَفَهُ وَلَدُهَا فَهَدَرٌ.
كَأَنْ أَتْلَفَتْ مُمْسِكَهَا الْبَالِغَ الْحُرَّ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ أَمَرَهُمَا. وَإِنْ أَتْلَفَتْ بِغَيْرِ فِعْلٍ بَلْ بِسَيْرِهَا؛ كَحَجَرٍ أَطَارَتْهُ ضَمِنَ الْقَائِدُ أَوْ السَّائِقُ أَوْ الرَّاكِبُ - وَلَوْ حَصَلَ مِنْهُ إنْذَارٌ - لِأَنَّ مَنْ بِالطَّرِيقِ لَا يَلْزَمُهُ التَّنَحِّي، فَلَا يَنْفَعُ قَوْلُهُمْ: يَمِينُك شِمَالُك إذَا حَصَلَ تَلَفُ شَيْءٍ فَإِنْ اجْتَمَعُوا ضَمِنَ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِعْلٌ مِنْ الرَّاكِبِ. فَإِنْ تَعَدَّدَ الرَّاكِبُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُقَدَّمِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ عَلَى جَنْبِ الدَّابَّةِ اشْتَرَكَا. فَإِنْ حَصَلَ شَكٌّ هَلْ مِنْ الدَّابَّةِ أَوْ مِنْ الْفِعْلِ: فَهَدَرٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
اتِّخَاذِهَا إنْ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَرِوَايَةُ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ اتِّخَاذِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتْلَفَتْهُ، وَعَلَى أَرْبَابِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ حِفْظُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَأَصْبَغَ، وَصَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ لِإِمْكَانِ اسْتِغْنَاءِ رَبِّهَا عَنْهَا وَضَرُورَةِ النَّاسِ لِلزَّرْعِ وَالشَّجَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَاعِدَةُ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ] : أَيْ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ أَتْلَفْت مُمْسِكَهَا] إلَخْ: هَذَا اخْتِصَارٌ مُخِلٌّ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ فِي (عب) فَإِنْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ فَنَادَى رَبُّهَا رَجُلًا بِإِمْسَاكِهَا فَأَمْسَكَهَا أَوْ أَمَرَهُ بِسَقْيِهَا فَفَعَلَ فَقَتَلَتْهُ أَوْ قَطَعَتْ لَهُ عُضْوًا لَمْ يَضْمَنْ رَبُّهَا كَعَدَمِ ضَمَانِ رَاكِبٍ وَسَائِقٍ وَقَائِدٍ مَا حَصَلَ مِنْ فَلُوِّهَا يَعْنِي وَلَدَهَا، فَإِنْ نَادَى صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا بِإِمْسَاكِهَا أَوْ سَقْيِهَا فَأَتْلَفَتْهُ فَقِيمَةُ الْعَبْدِ، وَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ، كَنَاخِسِ دَابَّةٍ فَقَتَلَتْ رَجُلًا فَعَلَى عَاقِلَةِ النَّاخِسِ، فَإِنْ قَتَلَتْ رَجُلًا فِي مَسْكِ الصَّبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ أَمَرَهُمَا بِسَقْيِهَا فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآمِرِ وَبَيْنَ فِدَائِهِ بِدِيَةِ الْحُرِّ (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute