حُرٌّ عَتَقَ جَمِيعُهُ (أَوْ عُضْوٍ) كَقَوْلِهِ: يَدُك حُرَّةٌ، فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ (وَنَحْوِهِ) كَكَلَامِك أَوْ: شَعْرِكَ، عَتَقَ الْجَمِيعُ لَكِنَّ التَّكْمِيلَ فِي عِتْقِ بَعْضٍ إلَخْ يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَتَكَمَّلُ.
(وَ) الْعِتْقُ (فِي تَمْلِيكِهِ) لِلْعَبْدِ أَمْرَ نَفْسِهِ أَوْ تَفْوِيضِهِ لَهُ: كَتَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا.
(وَ) هُوَ فِي (جَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ) : فَإِذَا قَالَ فِي جَوَابِ سَيِّدِهِ: أَعْتَقْت نَفْسِي فَيَعْتِقُ اتِّفَاقًا؛ كَاخْتَرْتُ نَفْسِي، وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِ " اخْتَرْت نَفْسِي " فَالْمَذْهَبُ لَا يَعْتِقُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يَعْتِقُ فَخَالَفَ الزَّوْجَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (إلَّا) الْعِتْقُ (لِأَجَلٍ) فَإِنَّهُ يُخَالِفُ الطَّلَاقَ إذْ مَنْ طَلَّقَ لِأَجَلٍ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَمَنْ أَعْتَقَ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ (أَوْ) قَالَ لِأَمَتَيْهِ: (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ، فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَيُطَلَّقَانِ مَعًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَأَمَّا فِي الْأَمَتَيْنِ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ) فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ وَإِمْسَاكُ الْأُخْرَى فَإِنْ نَسِيَ مَنْ نَوَاهَا عَتَقَا كَالطَّلَاقِ؛ فَالْمُخَالَفَةُ حَيْثُ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَفِي (بْن) أَنَّ التَّجْزِئَةَ فِي الْعِتْقِ مَكْرُوهَةٌ فَقَطْ وَلَا أَدَبَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ اخْتَرْت نَفْسِي وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاخْتِيَارِهِ نَفْسِهِ إلَّا إرَادَةَ الْعِتْقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
قَوْلُهُ: [إذْ مَنْ طَلَّقَ لِأَجَلٍ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ] : إنَّمَا نَجَّزَ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ لِلْأَجَلِ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ.
قَوْلُهُ: [يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا] : قَيَّدَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَحَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ لِأَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا ظَاهِرًا كَقَوْلِهِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: [فَيُطَلَّقَانِ مَعًا] : أَيْ الْآنَ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ وَخَيَّرَهُ الْمَدَنِيُّونَ كَالْعِتْقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الطَّلَاقَ فَرْعُ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتًا يَخْتَارُهَا مِنْ بَنَاتِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْعِتْقُ فَرْعُ الْمِلْكِ وَهُوَ يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَيَجُوزُ أَنْ تَشْتَرِيَ أَمَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَخْتَارَهَا مِنْ إمَاءٍ مُعَيَّنَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute