فَيَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ. وَمَفْهُومُهُ: أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا تُنْدَبُ لَهُ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ. فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَبَاطِلَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَصَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفٌ لُزُومُهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَاتِبُ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ فَصَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ أَوْ الزَّوْجِ.
ثُمَّ عَرَّفَ الْكِتَابَ تَبَعًا لِابْنِ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: (وَهِيَ) أَيْ الْكِتَابَةُ شَرْعًا (عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ) : خَرَجَتْ الْقَطَاعَةُ لِأَنَّهَا عَلَى مُعَجَّلٍ. (مِنْ الْعَبْدِ) : خَرَجَ عِتْقُهُ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَلَا يُسَمَّى كِتَابَةً. وَخَرَجَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَالٍ أَصْلًا كَالْعِتْقِ الْمُبْتَلِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَالتَّدْبِيرِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عُمُومٍ قَوْله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧] .
قَوْلُهُ: [فَيَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ] : تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بَعْضِهِ.
قَوْلُهُ: [بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ] : وَكَذَلِكَ تَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَبْطُلُ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ.
قَوْلُهُ: [عِتْقٌ عَلَى مَالٍ] : قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ صَوَابُهُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقًا عَلَى مَالٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ لَا نَفْسُهُ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [خَرَجَتْ الْقَطَاعَةُ] : أَيْ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْكِتَابَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ، وَقَدْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مُتَعَارِفَةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ ابْنُ التِّينِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ. وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ الْكِتَابَةُ إسْلَامِيَّةٌ وَلَمْ تُعْرَفْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِلَافُ الصَّحِيحِ، وَقِيلَ «أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو الْمُؤَمَّلِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَعِينُوا أَبَا الْمُؤَمَّلِ فَأُعِينَ فَقَضَى كِتَابَتَهُ وَفَضَلَتْ عِنْدَهُ فَضْلَةٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ثُمَّ بَرِيرَةُ أَفَادَهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْمُوَطَّإِ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ عِتْقُهُ عَلَى مُؤَجَّلِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ] : أَيْ فَتَجُوزُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْأَجْنَبِيُّ لِلسَّيِّدِ خُذْ مِنِّي مِائَةً بَعْدَ سَنَةٍ وَأَعْتِقْ عَبْدَك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute