(إلَّا) أَنْ يَكُونَ (غَائِبًا أَدْخَلَهُ حَاضِرٌ مَعَهُ) .
وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ: (وَصِيغَةُ) مُصَوَّرَةٌ (بِ كَاتَبْتُك بِكَذَا وَنَحْوِهِ) : أَيْ نَحْوُ: كَاتَبْتُك: كَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا، أَوْ: أَنْتَ مُكَاتَبٌ عَلَى كَذَا، أَوْ: مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ التَّنْجِيمَ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِدُونِهِ قَطْعًا وَإِنْ لَزِمَ. وَيَلْزَمُهُ التَّنْجِيمُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَيْ التَّأْخِيرُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَوْ نَجْمًا وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ لَكِنَّهَا تَكُونُ قَطَاعَةً.
وَصَرَّحَ بِالرُّكْنِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا] إلَخْ: أَيْ فَيُجْبَرُ اتِّفَاقًا أَيْ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ لَزِمَ الْعَبْدُ الْغَائِبُ وَإِنْ كَرِهَ، لِأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ يُؤَدِّي عَنْهُ.
قَوْلُهُ: [بِكَذَا] : اُنْظُرْ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِكَذَا هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِجَهْلِ الثَّمَنِ أَوْ تَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ، وَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَسْمِيَةُ عِوَضٍ. إنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُكَاتَبَ بِهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَاهِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالرُّكْنِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَدَمُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِهِ كَرُكْنِيَّةِ الصَّدَاقِ مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَزِمَ] : الْمُرَادُ بِلُزُومِهِ وُجُوبُهُ وَالْمُرَادُ بِتَنْجِيمِهِ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَالْمَشْهُورُ لُزُومُهُ وَتَنْجِيمُهُ.
قَوْلُهُ: [لَكِنَّهَا تَكُونُ قَطَاعَةً] : أَيْ يُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ فَالْقَطَاعَةُ عِنْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْكِتَابَةِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ تَنْجِيمُهَا، وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَطَاعَةً لَا كِتَابَةً، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعْنَوِيٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءً وَاجِبٌ، وَإِذَا وَقَعَتْ بِدُونِهِ لَزِمَ التَّنْجِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَطَاعَة، وَالثَّانِي يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءً لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِذَا وَقَعَتْ غَيْرُ مُنَجَّمَةٍ لَمْ يَلْزَمْ تَنْجِيمُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهَذِهِ فِي الْحَالَةِ يُقَالُ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute