(وَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ (فِي الدَّفْعِ) لِمَالِ الْمَحْجُورِ (بَعْدَ الرُّشْدِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) . وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ الرُّشْدِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: ٦] .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَعْدَ الرُّشْدِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ] : مُتَعَلِّقٌ بِالدَّفْعِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُصَدِّقُ وَلَوْ وَافَقَهُ الْوَلَدُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، بَلْ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يُبْقِ بِيَدِهِ الْوَلَدَ لِلْبُلُوغِ.
قَوْلُهُ: {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] : أَيْ فَالْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ لِئَلَّا يَغْرَمُوا عَلَى هَذَا الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَالْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ لِئَلَّا يَحْلِفُوا، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِالدَّفْعِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ. ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ مَا لَمْ يُطِلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ وَقِيلَ عِشْرُونَ عَامًا.
تَنْبِيهٌ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يُرَشِّدَ مَحْجُورَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى رُشْدِهِ، لَكِنْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاتِّصَالِ سَفَهِهِ رُدَّ إلَى الْحَجْرِ وَيُوَلَّى عَلَيْهِ وَصِيٌّ آخَرُ وَيُعْزَلُ الْأَوَّلُ، لَكِنْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا. وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ آخَرُ بَابِ الْقَضَاءِ: أَنَّ الْوَارِثَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْقَاضِيَ يُرْسِلُ يُعْلِمُهُ بِالْمَالِ وَلَا يُرْسِلُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ جَهِلَ الْقَاضِي وَأَرْسَلَهُ إلَيْهِ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ غَيْرُ الْقَاضِي إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَتَلِفَ.
خَاتِمَةٌ: نَسْأَلُ اللَّهَ حُسْنَهَا لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِوَصَايَا أَوْ لَزِمَهُ أُمُورٌ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَضَاقَ عَنْ جَمِيعِهَا قَدَّمَ فِيمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَصِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا فَكُّ أَسِيرٍ أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ وَمِنْهُ مُدَبَّرُ مَرِيضٍ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً، ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ لِمَنْكُوحَةٍ فِيهِ وَدَخَلَ بِهَا وَمَاتَ فِيهِ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا، وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقَ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرَهَا أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا وَقَدْ فَرَّطَ فِيهَا فِي سَالِفِ الْأَزْمَانِ، فَإِنْ لَمْ يُوَصِّ بِهَا تَخْرُجُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا. وَأَمَّا الَّتِي اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا عَامَ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُوَصِّ فَإِنْ عَلِمَتْ الْوَرَثَةُ بِهَا أَخْرَجُوهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ يَلِي الزَّكَاةَ الْمَاضِيَةَ الْمُوصَى بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute