للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ) : هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ يُرْفَعُ إلَخْ.

أَيْ أَنَّ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثَ يَرْتَفِعَانِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ جُمِعَ الْمُطْلَقُ مِنْ النَّدَى السَّاقِطِ عَلَى أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ أَوْ الزَّرْعِ، أَوْ كَانَ جَامِدًا كَالْبَرَدِ وَالْجَلِيدِ، ثُمَّ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ.

(مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ، أَوْ نَجِسٍ مُخَالِطٍ

ــ

[حاشية الصاوي]

بِمَائِهَا يُمْنَعُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي طَبْخٍ وَعَجْنٍ لِكَوْنِهِ مَاءَ عَذَابٍ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا الْبِئْرُ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّطْهِيرُ وَالِانْتِفَاعُ بِمَائِهَا، وَكَمَا يُمْنَعُ التَّطْهِيرُ بِمَائِهَا يُمْنَعُ التَّيَمُّمُ بِأَرْضِهَا أَيْ يَحْرُمُ، وَقِيلَ بِجَوَازِهِ وَصَحَّحَهُ التَّتَّائِيُّ. وَمَا قِيلَ فِي آبَارِ ثَمُودَ يُقَالُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْآبَارِ الَّتِي فِي أَرْضٍ نَزَلَ بِهَا الْعَذَابُ كَدِيَارِ لُوطٍ وَعَادٍ انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: [وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى] : أَيْ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ لِأَنَّهُ كَالْقَرَارِ، وَلَا يُخَصُّ بِتَغَيُّرِ الرِّيحِ وَلَا بِمَا جُمِعَ مِنْ فَوْقِهِ خِلَافًا لِلْأَصْلِ وَالْخَرَشِيِّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ذَابَ إلَخْ) : أَيْ تَمَيَّعَ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ.

قَوْلُهُ: (كَالْبَرَدِ) : هُوَ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ جَامِدًا كَالْمِلْحِ قَالَ تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: ٤٣] .

قَوْلُهُ: وَالْجَلِيدِ: هُوَ مَا يَنْزِلُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالْخُيُوطِ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّلْجَ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ مَائِعًا ثُمَّ يَجْمُدُ عَلَى الْأَرْضِ.

قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنًا] إلَخْ: مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ، أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ تَغَيُّرِهِ. وَ [لَوْنًا] وَ [مَا] عَطْفٌ عَلَيْهِ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَلَى الْفَاعِلِ، كَمَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِي الْحِلِّ. وَلَوْنُ الْمَاءِ الْأَصْلِيُّ الْبَيَاضُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِهِ: الْمَاءُ جَوْهَرٌ سَيَّالٌ لَا لَوْنَ لَهُ يَتَلَوَّنُ بِلَوْنِ إنَائِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي مَرْأَى الْعَيْنِ لِشَفَّافِيَّتِهِ. وَقَوْلُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «مَا هُوَ إلَّا الْأَسْوَدَانِ الْمَاءُ وَالتَّمْرُ» تَغْلِيبٌ لِلتَّمْرِ أَوْ لِلَوْنِ إنَائِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: [أَوْ رِيحًا] قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَا بُدَّ مِنْ التَّجَوُّزِ فِي قَوْلِهِمْ تَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ؛ إذْ الْمَاءُ لَا رِيحَ لَهُ أَصَالَةً أَيْ فَالْمُرَادُ طُرُوُّ رِيحٍ عَلَيْهِ. (انْتَهَى بِالْمَعْنَى مِنْ شَيْخِنَا فِي مَجْمُوعِهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>