للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَطْلُوبُ جُلُوسٌ كَجُلُوسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقِيمَ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى أَوْ مَعَ الْيُسْرَى أَوْ يَجْلِسَ كَالصَّلَاةِ وَجَثَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً عَلَى رُكْبَتَيْهِ حِينَ أُهْدِيَتْ لَهُ شَاةٌ فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» وَقَالَ: «إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ» لِأَنَّ السِّيَادَةَ وَالْعَظَمَةَ إنَّمَا تَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى.

(وَ) يُكْرَهُ الْأَكْلُ (مِنْ رَأْسِ الثَّرِيدِ) لِأَنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ عَلَى وَسَطِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ» وَهَذِهِ تَشْمَلُ غَيْرَ الثَّرِيدِ، وَالثَّرِيدُ: مَا يُفَتُّ مِنْ الْخُبْزِ ثُمَّ يُبَلُّ بِالْمَرَقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَحْمٌ، وَلَا يَنْبَغِي قَسْمُ الرَّغِيفِ بِالْخَنْجَرِ بَلْ بِالْيَدِ وَلَا يُقْسَمُ مِنْ وَسَطِهِ بَلْ مِنْ حَوَاشِيهِ وَالسُّنَّةُ فِي اللَّحْمِ أَنْ يُؤْكَلَ بَعْدَ الطَّعَامِ وَأَنْ يُنْهَشَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ إدَامِكُمْ اللَّحْمُ» وَقَالَ

ــ

[حاشية الصاوي]

وَشُكْرٍ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ (اهـ) .

قَوْلُهُ: [أَنْ يُقِيمَ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى] إلَخْ: أَشَارَ الشَّارِحُ لِثَلَاثِ هَيْئَاتٍ لِجُلُوسِ الْآكِلِ.

قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَحْمٌ] : أَيْ زَائِدٌ فَوْقَ الْمَرَقِ وَإِلَّا فَالْمَرَقُ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْمَاءِ الَّذِي طُبِخَ فِيهِ اللَّحْمُ كَمَا أَنَّ الثَّرِيدَ اسْمٌ لِلْمَفْتُوتِ فِيهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

إذَا مَا الْخُبْزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ ... فَذَا وَأَمَانَةُ اللَّهِ الثَّرِيدُ

وَيُقَاسُ عَلَيْهِ فِي الْآدَابِ كُلُّ فَتٍّ فِي طَعَامٍ لِأَنَّهُ يُسَمَّى ثَرِيدًا عُرْفًا وَإِنْ كَانَ لَا يُسَمَّى ثَرِيدًا شَرْعًا.

قَوْلُهُ: [أَنْ يُؤْكَلَ بَعْدَ الطَّعَامِ] : أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا شَاعَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ابْدَءُوا بِسَيِّدِ الطَّعَامِ فَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَالِكٌ.

قَوْلُهُ: [خَيْرُ إدَامِكُمْ اللَّحْمُ] : لَيْسَ فِيهِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ دَلِيلٌ عَلَى النَّهْشِ

<<  <  ج: ص:  >  >>