{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ قَالَ: إنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْتَأْذِنْهَا قَالَ: إنِّي خَادِمُهَا. فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟» فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ يَكْفُرُ لِوُرُودِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعُلِمَ ضَرُورَةً.
(إذَا أَرَادَ دُخُولَ بَيْتٍ) مَفْتُوحًا أَوْ مَغْلُوقًا حَيْثُ كَانَ، لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ، لَا نَحْوَ حَمَّامٍ وَفُنْدُقٍ وَبَيْتِ قَاضٍ وَطَبِيبٍ وَعَالِمٍ حَيْثُ لَا حَرَجَ فِي الدُّخُولِ بِلَا إذْنٍ وَإِلَّا فَكَغَيْرِهَا فَ (يَقُولُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) عَلِمْت حُكْمَ السَّلَامِ وَقَدْ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُسَلِّمُ بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ (أَأَدْخُلُ؟) يَقُولُ (ثَلَاثًا) وَلَا يَزِيدُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّمَاعُ وَيَقُولُ مَقَامَ " أَأَدْخُلُ " نَقْرُ الْبَابِ ثَلَاثًا وَلَوْ مَفْتُوحًا وَالتَّنَحْنُحُ، وَيُكْرَهُ الِاسْتِئْذَانُ بِالذِّكْرِ. (فَإِنْ أُذِنَ لَهُ) فَلْيَدْخُلْ وَلَوْ جَاءَ الْإِذْنُ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ حَيْثُ وَثِقَ بِخَبَرِهِمَا لِقَرِينَةٍ وَإِنْ قِيلَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: فُلَانٌ بِاسْمِهِ لَا بِنَحْوِ أَنَا فَإِنَّهُ أَنْكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ قَالَهَا. وَمَحَلُّ وُجُوبِ الِاسْتِئْذَانِ إنْ كَانَ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرٌ فَيُنْدَبُ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى قَوْلَانِ. (وَإِلَّا) يُؤْذَنُ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ ثَلَاثًا مَعَ ظَنِّ السَّمَاعِ أَوْ قِيلَ لَهُ ارْجِعْ (رَجَعَ) وُجُوبًا وَلَا يُلِحُّ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِقَبِيحٍ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بَعْدَ الْإِذْنِ لَا بِمُجَرَّدِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيُكْرَهُ الِاسْتِئْذَانُ بِالذِّكْرِ] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ جَعْلِ اسْمِ اللَّهِ آلَةً.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ أَنْكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ قَالَهَا] : أَيْ حَيْثُ خَرَجَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ أَنَا أَنَا وَإِنَّمَا كَرِهَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَيِّنُ الْمَقْصُودَ، وَلِأَنَّهَا هَلَكَ بِهَا مَنْ هَلَكَ كَفِرْعَوْنَ وَإِبْلِيسَ.
قَوْلُهُ: [قَوْلَانِ] : الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: ٢٧] .
قَوْلُهُ: [رَجَعَ وُجُوبًا] : أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute