فَهُوَ الْوَاسِطَةُ فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَوْلَاهُ مَا كَانَ شَيْءٌ كَمَا «قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك» الْحَدِيثُ إذْ لَوْلَا الْوَاسِطَةُ لَذَهَبَ كَمَا قِيلَ الْمَوْسُوطُ.
(وَالْعِلْمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) : أَيْ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ وَاجِبٍ وَجَائِزٍ وَمُسْتَحِيلٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ مِنْ نُورِي، وَالْكَرُوبِيُّونَ وَالرُّوحَانِيُّونَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مِنْ نُورِي، وَمَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ مِنْ نُورِي، وَالْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِنْ النَّعِيمِ مِنْ نُورِي، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ مِنْ نُورِي، وَالْعَقْلُ وَالْعِلْمُ وَالتَّوْفِيقُ مِنْ نُورِي، وَأَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مِنْ نُورِي، وَالشُّهَدَاءُ وَالسُّعَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ مِنْ نَتَائِجِ نُورِي، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ اثْنَيْ عَشَرَ حِجَابًا فَأَقَامَ النُّورَ وَهُوَ الْجُزْءُ الرَّابِعُ فِي كُلِّ حِجَابٍ أَلْفَ سَنَةٍ وَهِيَ مَقَامَاتُ الْعُبُودِيَّةِ، وَهِيَ حِجَابُ الْكَرَامَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالرُّؤْيَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ وَالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ وَالصَّبْرِ وَالصِّدْقِ وَالْيَقِينِ، فَعَبَّدَ اللَّهُ ذَلِكَ النُّورَ فِي كُلِّ حِجَابٍ أَلْفَ سَنَةٍ، فَلَمَّا خَرَجَ النُّورُ مِنْ الْحُجُبِ رَكَّبَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ فَكَانَ يُضِيءُ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَالسِّرَاجِ فِي اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ الْأَرْضِ وَرَكَّبَ فِيهِ النُّورَ فِي جَبِينِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى شِيثٍ وَلَدِهِ، وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ طَاهِرٍ إلَى طَيِّبٍ إلَى أَنْ وَصَلَ إلَى صُلْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمِنْهُ إلَى زَوْجِهِ أُمِّي آمِنَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَنِي إلَى الدُّنْيَا فَجَعَلَنِي سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَرَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ هَكَذَا كَانَ بَدْءُ خَلْقِ نَبِيِّك يَا جَابِرُ» (اهـ) مِنْ شَرْحِنَا عَلَى صَلَوَاتِ شَيْخِنَا الْمُصَنِّفِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْجَمَلِ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ عَلَى الشَّمَائِلِ عَنْ سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ فِي شَرْحِ بُرْدَةِ الْمَدِيحِ عِنْدَ قَوْلِهِ:
وَكُلُّ آيٍ أَتَى الرُّسُلُ الْكِرَامُ بِهَا ... فَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ مِنْ نُورِهِ بِهِمْ
قَوْلُهُ: [وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك. . . الْحَدِيثَ] : أَيْ وَنَصُّهُ كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ: «وَرَأَى أَيْ آدَم نُورَ مُحَمَّدٍ فِي سُرَادِقِ الْعَرْشِ وَاسْمُهُ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا مَقْرُونًا بِاسْمِهِ تَعَالَى فَسَأَلَ اللَّهَ عَنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: هَذَا النَّبِيُّ مِنْ ذُرِّيَّتِك اسْمُهُ فِي السَّمَاءِ أَحْمَدُ وَفِي الْأَرْضِ مُحَمَّدٌ وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك وَلَا خَلَقْت سَمَاءً وَلَا أَرْضًا، وَسَأَلَهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مُتَوَسِّلًا إلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَغَفَرَ لَهُ» (اهـ) .
قَوْلُهُ: [إذْ لَوْلَا الْوَاسِطَةُ] : عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْلَاهُ مَا كَانَ شَيْءٌ وَلِقَوْلِهِ وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك وَقَوْلُهُ كَمَا قِيلَ أَيْ قَوْلًا صَحِيحًا فَلَيْسَتْ الصِّيغَةُ لِلتَّضْعِيفِ لِلنِّسْبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute