للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَاوُد الطَّائِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: كُلُّ نَفْسٍ تَخْرُجُ مِنْ الدُّنْيَا عَطْشَانَةٌ إلَّا نَفْسَ الذَّاكِرِينَ، وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنِّي لَأَعْرِفُ مَتَى يَذْكُرُنِي اللَّهُ تَعَالَى. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إذَا ذَكَرْته تَعَالَى ذَكَرَنِي قَالَ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢] وَوَرَدَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَبْغَضَ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ كَرِهَ الذِّكْرَ وَالذَّاكِرِينَ» .

(وَأَفْضَلُهُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ مَا قُلْته أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِكُلِّ شَيْءٍ مِصْقَلَةٌ، وَمِصْقَلَةُ الْقَلْبِ الذِّكْرُ، وَأَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي رِسَالَةٍ فِي ذَلِكَ: اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ مُرَقَّقَةٌ وَلَا يُفَخَّمُ مِنْهَا إلَّا لَفْظُ الْجَلَالَةِ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأَفْصَحِ نَقْصُ الْمَدِّ فِي أَدَاةِ النَّفْيِ الَّتِي بَعْدَهَا الْهَمْزَةُ عَنْ ثَلَاثِ حَرَكَاتٍ، وَتَجُوزُ لِزِيَادَةٍ فِيهِ إلَى سِتِّ حَرَكَاتٍ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَاسِعٌ، وَالْحَرَكَةُ مِقْدَارُ ضَمِّ الْأُصْبُعِ أَوْ فَتْحِهِ بِسُرْعَةٍ. وَأَمَّا مَدُّ كَلِمَةِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [إلَّا نَفْسَ الذَّاكِرِينَ] : أَيْ فَإِنَّهُمْ يَمُوتُونَ وَلِسَانُهُمْ رَطْبٌ بِذِكْرِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: [قَالَ تَعَالَى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ] : مَعْنَى ذِكْرِ اللَّهِ لِعَبْدِهِ تَرَادُفُ رَحْمَتِهِ وَإِنْعَامَاتِهِ عَلَيْهِ وَإِشْهَارُ الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ عَلَيْهِ فِي الْأَرْضِ وَفِي السَّمَاءِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ» وَوَرَدَ أَيْضًا: «إنَّ اللَّهَ إذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلُ فَقَالَ إنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ» .

قَوْلُهُ: [مِمَّنْ كَرِهَ الذِّكْرَ وَالذَّاكِرِينَ] : أَيْ وَيُقَالُ: إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْكَرَاهَةُ بُغْضًا فِي اللَّهِ وَأَهْلِ الذِّكْرِ فَهُوَ كَافِرٌ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ إنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ مِمَّنْ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ - فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} [المؤمنون: ١٠٩ - ١١٠] الْآيَةَ. وَإِنْ كَانَ لِكَسَلٍ مِنْهُ فَهُوَ عَاصٍ.

قَوْلُهُ: [أَنَّ جَمِيعَ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ] : أَيْ حُرُوفُ كَلِمَتِهَا.

قَوْلُهُ: [عَنْ ثَلَاثِ حَرَكَاتٍ] : أَيْ لِأَنَّهُ مَدٌّ مُنْفَصِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>