مَنْ لَمْ يُحْرِقْ الْبِدَايَةَ لَمْ تُشْرِقْ لَهُ نِهَايَةٌ، مَنْ لَمْ يُخَالِفْ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِصِفَاتِ أَهْلِ الْعِرْفَانِ، مَنْ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا لِلرَّحْمَنِ فَهُوَ عَبْدٌ لِلشَّيْطَانِ، فَانْظُرْ أَيَّهُمَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ (اهـ بِاخْتِصَارٍ) . وَقَصَدْت بِنَقْلِ ذَلِكَ التَّبَرُّكَ، لَعَلَّ الْجَوَادَ الْكَرِيمَ يَنْفَحُنَا بِحُبِّهِمْ. {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} [الفجر: ٢٨] لِرُؤْيَتِهِ تَعَالَى وَمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ مِمَّا لَا يَتَنَاهَى مِنْ الْإِكْرَامِ، وَقِيلَ: إلَى صَاحِبِك وَهُوَ الْجَسَدُ عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ عِنْدَ الْبَعْثِ. {رَاضِيَةً} [الفجر: ٢٨] بِمَا أَعْطَاك رَبُّك. {مَرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٨] رَضِيَ رَبُّك عَلَيْك.
{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] الصَّالِحِينَ الْمُصْطَفَيْنَ. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٣٠] . فِي الْحَدِيثِ: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَنْ لَمْ يَحْرُقْ الْبِدَايَةَ] : أَيْ إذَا لَمْ يُجَاهِدْ فِي بِدَايَتِهِ فَيَخْرُجُ عَنْ كُلِّ هَوًى لَمْ تَظْهَرْ لَهُ أَنْوَارٌ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ صَاحِبِ الْحِكَمِ ادْفِنْ وُجُودَك فِي أَرْضِ الْخُمُولِ فَمَا نَبَتَ مِمَّا لَمْ يُدْفَنْ لَمْ يَتِمَّ نِتَاجُهُ.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ عِنْدَ الْبَعْثِ] : أَيْ وَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَعَلَى أَنَّ النِّدَاءَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْبَعْثِ.
قَوْلُهُ: {رَاضِيَةً} [الفجر: ٢٨] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: ٨] .
قَوْلِهِ: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] : أَيْ وَقْتَ الْبَعْثِ وَالْحَشْرِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَحَبَّ قَوْمًا حُشِرَ مَعَهُمْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: ١٠١] الْآيَاتُ وَقَالَ تَعَالَى: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [الزخرف: ٦٨] وَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ وَإِلَّا فَالْكُلُّ عِبَادُهُ.
قَوْلُهُ: {وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٣٠] : أَيْ مَعَ الصَّالِحِينَ وَلِأَهْلِ الْإِشَارَاتِ تَفَاسِيرُ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ يُنَادِيهَا فِي الدُّنْيَا بِهَذَا النِّدَاءِ حَيْثُ اتَّصَفَتْ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ يَقُولُ لَهَا يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إلَى رَبِّك بِفَنَائِك عَمَّا سِوَاهُ، رَاضِيَةً بِأَحْكَامِهِ، مَرْضِيَّةً لَهُ بِأَوْصَافِك، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي الصَّالِحِينَ أَيْ فَكُونِي مَعْدُودَةً فِيهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute