أَبْلَغُ مِنْ عَوْدِهِ لِجُمْلَتِهِ (إنَّهُ جَوَادٌ) كَثِيرُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْإِنْعَامِ (كَرِيمٌ) يُعْطِي بِلَا عِوَضٍ وَلَا غَرَضٍ (رَءُوفٌ) كَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ (رَحِيمٌ) مُنْعِمٌ بِالْقَلِيلِ كَمَا هُوَ مُنْعِمٌ بِالْكَثِيرِ فَلَا تَأْثِيرَ لِغَيْرِهِ تَعَالَى. (وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ) خَتَمَ بِهَا كَمَا ابْتَدَأَ بِهَا رَجَاءَ قَبُولِ مَا بَيْنَهُمَا وَعَبَّرَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ وَاقِعٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَمَا إذَا قَرَأَ الْبَعْضُ فَقَطْ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ شَرْحِهِ كَأَنْ شَرَحَ الْبَعْضُ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ تَحْصِيلِهِ كَأَنْ اشْتَرَى الْبَعْضُ أَوْ كَتَبَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ.
قَوْلُهُ: [أَبْلَغُ مِنْ عَوْدِهِ لِجُمْلَتِهِ] : أَيْ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ قُصُورٌ عَلَى تَحْصِيلِ الْبَعْضِ بِشِرَاءٍ وَنَحْوٍ.
قَوْلُهُ: [إنَّهُ جَوَادٌ] : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ وَاقِعٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ سَأَلْته؛ لِأَنَّهُ جَوَادٌ، وَالْجَوَادُ بِالتَّخْفِيفِ ذُو الْجُودِ وَالْمَدَدِ وَالْعَطَايَا الَّتِي لَا تَنْفَدُ.
قَوْلُهُ: [كَرِيمٌ] : أَيْ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِنُعُوتِ الْجَمَالِ ذُو النَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ.
قَوْلُهُ: [بِلَا عِوَضٍ وَلَا غَرَضٍ] : أَيْ لِاسْتِغْنَائِهِ وَتَنَزُّهِهِ عَنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ يُدِيمُ الْإِحْسَانَ عَلَى الْمُصِرِّ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي.
قَوْلُهُ: [رَءُوفٌ] : أَيْ ذُو رَأْفَةٍ وَهِيَ شِدَّةُ الرَّحْمَةِ.
قَوْلُهُ: [مُنْعِمٌ بِالْقَلِيلِ] : إنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ الرَّحِيمُ الْمُنْعِمُ بِدَقَائِقِ النِّعَمِ وَالرَّحْمَنُ الْمُنْعِمُ بِجَلَائِلِهَا أَيْ فَجَمِيعُ النِّعَمِ نَاشِئَةٌ مِنْهُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ رَحْمَانًا رَحِيمًا، وَفِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ بِالْمَطْلُوبِ مَا لَا يَخْفَى، وَفِيهَا حِكْمَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُخَاطِبُ رَبَّهُ بِالِاسْمِ الْمُنَاسِبِ لِمَطْلُوبِهِ كَدُعَاءِ أَيُّوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَيْثُ قَالَ: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣] وَدُعَاءِ يُونُسَ حَيْثُ قَالَ: {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧] وَدُعَاءِ زَكَرِيَّا حَيْثُ قَالَ: {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: ٨٩] وَدُعَاءِ سُلَيْمَانَ حَيْثُ قَالَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: ٣٥] وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ مَقَامٍ لَهُ مَقَالٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ وَاقِعٌ] : ظَاهِرُهُ أَنَّهَا خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ بِالصَّلَاةِ لَيْسَ مُصَلِّيًا عَلَى التَّحْقِيقِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَبَّرَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ فِي اللَّفْظِ لِتَحَقُّقِ الْمَطْلُوبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute