الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَهُوَ) أَيْ لَفْظُهُ: (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك) أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْإِعَانَةَ عَلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِ دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا، وَنَطْلُبُ مِنْك غَفْرَ أَيْ سَتْرَ ذُنُوبِنَا وَعَدَمَ مُؤَاخَذَتِنَا بِهَا (إلَى آخِرِهِ) أَيْ تَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى آخِرِهِ. وَلَمَّا كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ النَّاسِ قَالَ مَا ذَكَرَ، وَتَمَامُهُ " وَنُؤْمِنُ بِك " أَيْ نُصَدِّقُ بِوُجُوبِ وُجُودِك وَعَظَمَتِك وَقُدْرَتِك وَوَحْدَانِيِّتِكَ إلَى آخِرِ عَقَائِدِ الْإِيمَانِ، " وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنَخْنَعُ لَك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخَافُ عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ ".
ــ
[حاشية الصاوي]
طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامِ.
قَوْلُهُ: [وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك] : أَيْ نُفَوِّضُ أُمُورَنَا إلَيْك.
قَوْلُهُ: [وَنَخْنَعُ] : أَيْ نَخْضَعُ وَنَذِلُّ لَك وَهُوَ بِالنُّونِ، وَقَوْلُهُ وَنَخْلَعُ بِاللَّامِ مَعْنَاهُ نَتْرُكُ كُلَّ شَاغِلٍ يَشْغَلُ عَنْك لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: ٥٠] ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ: " وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك " وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ] إلَخْ: أَيْ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاكَ، وَلَا نُصَلِّي وَلَا نَسْجُدُ إلَّا لَك، وَلَا نَسْعَى فِي الطَّاعَةِ، " وَنَحْفِدُ " نَجِدُّ إلَّا لِحَضْرَتِك، وَقَوْلُهُ " نَرْجُو رَحْمَتَك ": أَيْ بِسَبَبِ أَخْذِنَا فِي أَسْبَابِ طَاعَتِك وَالتَّضَرُّعِ لَك لِأَنَّ الدُّعَاءَ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ، وَقَوْلُهُ " وَنَخَافُ عَذَابَك ": أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ، وَقَوْلُهُ: [الْجَدَّ] : أَيْ الْحَقَّ، وَقَوْلُهُ: [إنَّ عَذَابَك] إلَخْ بِالْكَسْرِ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ وَ [مُلْحَقٌ] : اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ اسْمُ مَفْعُولٍ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: ٧] {مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: ٨] . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُنُوتَ لَا يُشْرَعُ إلَّا فِي الصُّبْحِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْدُوبَاتٌ أَرْبَعُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَكَوْنُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَكَوْنُهُ سِرًّا، وَكَوْنُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وَفِي الْخَرَشِيِّ: وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الصُّبْحِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ: وَهَذَا لَا يَظْهَرُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ فَعَلَ مَنْدُوبًا أَوْ مَنْدُوبَاتٍ، وَفَاتَهُ مَنْدُوبٌ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute