للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ أَوْ شَكَّ فِي الْمَاءِ الَّذِي جُعِلَ فِي الْفَمِ، وَقَوْلُهُ هَلْ تَغَيَّرَ؟ تَفْسِيرٌ لِلشَّكِّ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(كَتَحَقُّقِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ) : هَذَا تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْمَخْلُوطَ بِمُوَافِقٍ لَا يَضُرُّ التَّطْهِيرُ بِهِ، وَلَوْ جَزَمْنَا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا خَالَطَ مُخَالِفًا لَهُ لَغَيَّرَهُ عَلَى الْأَرْجَحِ. وَجَمِيعُ مَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَشْيَاخِ.

(وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ) : يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا حُكْمُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَعَدَمِهِ كَحُكْمِ مُغَيِّرِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الطَّهَارَةِ. وَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ فَالْمَاءُ مُتَنَجِّسٌ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي طَهَارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا إلَّا فِي نَحْوِ سَقْيِ بَهِيمَةٍ أَوْ زَرْعٍ كَمَا سَيَأْتِي.

ــ

[حاشية الصاوي]

لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا - إمَّا أَنْ يُتَحَقَّقَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ، أَوْ يُظَنَّ عَدَمُهُ، أَوْ يُشَكَّ، أَوْ يُتَوَهَّمَ، أَوْ يُتَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ. فَهَذِهِ خَمْسٌ مَضْرُوبَةٌ فِي التِّسْعِ بِخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ صُورَةً مِنْهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ لَا ضَرَرَ فِيهَا قَطْعًا؛ وَهِيَ مَا إذَا تُحُقِّقَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ. أَوْ ظُنَّ عَدَمُهُ، أَوْ شُكَّ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَضْرُوبَةٍ فِي التِّسْعِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفِيمَا خُلِطَ بِمُوَافِقٍ، هَلْ يُغَيَّرُ لَوْ خَالَفَ؟ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الشَّكُّ فِي التَّغَيُّرِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ، فَمِنْ بَابٍ أَوْلَى تَحَقُّقُ الْعَدَمِ وَظَنُّهُ. وَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةُ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ تَحَقُّقِ التَّغَيُّرِ أَوْ ظَنِّهِ فِي التِّسْعِ، دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: [كَتَحَقُّقِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ] . وَهَذَا التَّرْجِيحُ مِنْ الْمُصَنِّفِ اعْتَمَدَهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَذَكَرَهُ شب أَيْضًا تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ الْمُوَافِقِ غَيْرُ مُخَالِفٍ. وَالْمُخَالَفَةُ لَا تُضْبَطُ، وَالشَّرِيعَةُ السَّمْحَاءُ تَقْتَضِي طَرْحَ ذَلِكَ. وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ يَقُولُ بِتَقْدِيرِ الْمُوَافِقِ مُخَالِفًا، وَيُحْكَمُ بِالضَّرَرِ عِنْدَ تَحَقُّقِ التَّغَيُّرِ أَوْ ظَنِّهِ. وَقَدْ ارْتَضَاهُ الشَّيْخُ فِي قِرَاءَةِ عب وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ. وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَاصِرِ الدِّينِ: أَنَّ الْمُخَالِطَ إذَا كَانَ نَجِسًا فَالْمَاءُ نَجِسٌ مُطْلَقًا (اهـ) .

قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (اهـ) . وَلَك أَنْ تَقُولَ كَلَامُ أَبِي عَلِيٍّ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ يَحْصُلُ التَّغَيُّرُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا. وَأَمَّا لَوْ شُكَّ فِي التَّغَيُّرِ فَلَا وَجْهَ لِظُهُورِهِ. وَهَذَا الْحَاصِلُ زُبْدَةُ مَا قَالُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُحْفَظْ.

قَوْلُهُ: [وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ] : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ التَّغَيُّرُ بِالْمُفَارِقِ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَهَلْ يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ فِي الْعَادَاتِ أَوْ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ فِيهَا؟ قَوْلُهُ: [كَمَا سَيَأْتِي] : أَيْ فِي آخِرِ فَصْلِ الطَّاهِرِ، فِي قَوْلِهِ: وَجَازَ انْتِفَاعٌ بِمُتَنَجِّسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>