للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةُ جَمَاعَةٍ) يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ مَعًا نَحْوَ سُورَةِ يس. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ (إذَا لَمْ تَخْرُجْ) الْقِرَاءَةُ (عَنْ حَدِّهَا) الشَّرْعِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَهَذَا الْقَيْدُ زِدْنَاهُ عَلَيْهِ.

(وَ) كُرِهَ (جَهْرٌ بِهَا) : أَيْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (بِمَسْجِدٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْلِيطِ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَالذَّاكِرِينَ مَعَ مَظِنَّةِ الرِّيَاءِ (وَأُقِيمَ الْقَارِئُ) جَهْرًا (بِهِ) : أَيْ بِالْمَسْجِدِ مِنْ الْقِيَامِ لَا الْإِمَامَةِ، أَيْ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ جَهْرًا، وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الِامْتِثَالُ، (إنْ قَصَدَ) بِقِرَاءَتِهِ (الدَّوَامَ) : أَيْ دَوَامَ الْقِرَاءَةِ كَاَلَّذِي يَتَعَرَّضُ بِقِرَاءَتِهِ لِسُؤَالِ النَّاسِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» وَقَوْلُهُ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَأُجِيبُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ عَنْ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَنِّي الِاسْتِغْنَاءُ وَعَنْ الثَّانِي: بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ.

قَوْلُهُ: [يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ] : إنَّمَا كُرِهَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّخْلِيطِ وَعَدَمِ إصْغَاءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ وَاحِدٌ رُبْعَ حِزْبٍ مَثَلًا، وَآخَرُ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا فَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُهَا قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَوْلُهُ: [وَأُقِيمَ الْقَارِئُ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْقَارِئَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ يُقَامُ نَدْبًا، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا مُحْتَاجًا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُ جَهْرًا، وَدَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَاقِفٌ لِأَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ وَلَوْ كُرِهَ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَمِنْ السُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَلَا يَرْفَعُ الْمُدَرِّسُ فِي الْمَسْجِدِ صَوْتَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ لِقَوْلِ مَالِكٍ: وَمَا لِلْعِلْمِ وَرَفْعَ الصَّوْتِ؟ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَفِي الطُّرُقِ قَصْدًا لِطَلَبِ الدُّنْيَا، فَحَرَامٌ، لَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ لِفَاعِلِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمُحَرَّمِ وَلَا سِيَّمَا فِي مَوَاضِعِ الْأَقْذَارِ، فَكَادَتْ أَنْ تَكُونَ كُفْرًا وَالرِّضَا بِهَا مِنْ أُولِي الْأَمْرِ ضَلَالٌ مُبِينٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>