بِهِمَا مِثْلُهُمَا.
(وَعَقْلٌ) فَلَا تَصِحُّ خَلْفَ مَجْنُونٍ. فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَأَمَّ حَالَ إفَاقَتِهِ صَحَّتْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِهَا أَيْضًا. وَفِي عَدِّ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامِ مُسَامَحَةٌ، إذْ هُمَا شَرْطَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَاَلَّذِي سَهَّلَ التَّسَامُحَ أَنَّهُمَا هُنَاكَ اُعْتُبِرَا شَرْطًا لِلصَّلَاةِ، وَهُنَا اُعْتُبِرَا شَرْطًا لِلْإِمَامِ.
(وَكَوْنُهُ غَيْرَ مَأْمُومٍ) فَلَا تَصِحُّ خَلْفَ مَأْمُومٍ، وَمِنْهُ مَسْبُوقٌ قَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ إمَامَهُ مَأْمُومٌ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ. وَلَيْسَ مِنْهُ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَا دُونَ رَكْعَةٍ، فَإِذَا قَامَ لِصَلَاتِهِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيَنْوِي الْإِمَامِيَّةَ بَعْدُ إنْ كَانَ نَاوِيًا الْمَأْمُومِيَّةَ.
(وَلَا مُتَعَمِّدِ حَدَثٍ) فَلَا تَصِحُّ خَلْفَ مُتَعَمِّدٍ الْحَدَثَ فِيهَا أَوْ حَالَ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا.
وَأَشَارَ لِمَفْهُومِ مُتَعَمِّدٍ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ نَسِيَهُ) أَيْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ مُحْدِثًا وَهُوَ نَاسٍ لِكَوْنِهِ مُحْدِثًا وَتَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ عَمَلًا بَلْ خَرَجَ وَأَشَارَ لَهُمْ بِالْإِتْمَامِ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا نَاسِيًا لِكَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ عَمَلًا أَيْضًا. وَهَذِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
الِاقْتِدَاءِ بِالْمِلْكِ، لِأَنَّ وَصْفَ الْمِلْكِيَّةِ أَشْرَفُ مِنْ وَصْفِ الذُّكُورَةِ، وَالْغَرَضُ نَفْيُ خِسَّةِ الْأُنُوثَةِ وَمَا شَابَهَهَا كَالْخُنُوثَةِ. وَقَدْ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَ جِبْرِيلَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ» ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ. لَا يُقَالُ إنَّ صَلَاتَهُمْ نَفْلٌ لِأَنَّنَا نَقُولُ: الْحَقُّ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ، أَوْ يُسْتَثْنَوْنَ فَقَدْ قِيلَ بِالْفَرْضِ خَلْفَ نَفْلٍ. وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ أَيْضًا خَلْفَ ذُكُورِ الْجِنِّ لِأَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ اقْتَدَى بِهِمَا مِثْلُهُمَا] : أَيْ وَلَوْ نَوَيَا الْإِمَامَةَ فَصَلَاتُهُمَا صَحِيحَةٌ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُمَا بَاطِلَةٌ وَإِنَّمَا حُكِمَ بِالصِّحَّةِ إذَا نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ مَعَ أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ إمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمِثْلِهِ. كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [خِلَافًا لِمَنْ قَالَ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ الْأُجْهُورِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا مُتَعَمِّدُ حَدَثٍ] : مِثْلُهُ عُلِمَ مَوْتُهُ بِحَدَثِهِ وَدَخَلَ أَوْ تَرَاخَى مَعَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ كَمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute